نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 4 صفحه : 399
فسخرها الله تعالى عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فلم تدع منهم أحدا إلا أهلكته واعتزل هود عليه السلام ومن معه في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين به الجلود وتلتذ به الأنفس، ثم إنه عليه السلام أتى هود ومن معه مكة فعبدوا الله تعالى فيها إلى أن ماتوا وقبره عليه السلام قيل هناك في البقعة التي بين الركن والمقام وزمزم، وفيها- كما أخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن سابط- قبور تسعة وسبعين نبيا منهم أيضا نوح، وشعيب، وصالح، وإسماعيل عليهم السلام،
وأخرج البخاري في تاريخه، وابن جرير وغيرهما عن علي كرم الله تعالى وجهه أن قبره عليه السلام بحضرموت في كثيب أحمر عند رأسه سدرة،
وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي العاتكة قال: قبلة مسجد دمشق قبر هود عليه السلام، وعمر كما أخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أربعمائة واثنتين وسبعين سنة والله تعالى أعلم.
ومن باب الإشارة في الآيات: على ما قاله القوم رضي الله تعالى عنهم إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ أي سماوات الأرواح وَالْأَرْضَ أي أرض الأبدان فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وهي ستة آلاف سنة وإن يوما عند ربكم كألف سنة مما تعدون وهي من لدن خلق آدم عليه السلام إلى زمان النبي صلّى الله عليه وسلّم وهي في الحقيقة من ابتداء دور الخفاء إلى ابتداء الظهور الذي هو زمان ختم النبوة وظهور الولاية ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وهو القلب المحمدي بالتجلي التام وهو التجلي باسمه تعالى الجامع لجميع الصفات. وللصوفية عدة عروش نبهنا عليها في كتابنا- الطراز المذهب في شرح قصيدة الباز الأشهب-. وتمام الكلام عليها في شمس المعارف للإمام البوني قدس سره يُغْشِي اللَّيْلَ أي ليل البدن النَّهارَ أي نهار الروح يَطْلُبُهُ بالتهيؤ والاستعداد لقبوله باعتدال مزاجه حَثِيثاً أي سريعا وَالشَّمْسَ أي شمس الروح وَالْقَمَرَ أي قمر القلب وَالنُّجُومَ أي نجوم الحواس مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ الذي هو الشأن المذكور في قوله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ادْعُوا رَبَّكُمْ أي اعبدوه تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إشارة إلى طريق الجلوة والخلوة أو ادعوه بالجوارح والقلب أو بأداء حق العبودية ومطالب حق الربوبية إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ المتجاوزين عما أمروا به بترك الامتثال أو الذين يطلبون منه سواه وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ أي أرض البدن بَعْدَ إِصْلاحِها بالاستعداد وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً لئلا يلزم إهمال إحدى صفتي الجلال والجمال وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ أي رياح العناية بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي تجلياته حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ حملت سَحاباً ثِقالًا بأمطار المحبة سُقْناهُ لِبَلَدٍ قلب مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ ماء المحبة فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ من المشاهدات والمكاشفات كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى القلوب الميتة من قبور الصدور لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أيام حياتكم في عالم الأرواح حيث كنتم في رياض القدس وحياض الأنس وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ وهو ما طاب استعداده يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ حسنا غزيرا نفعه وَالَّذِي خَبُثَ وهو ما ساء استعداده لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً لأخير فيه لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً أي نوح الروح إِلى قَوْمِهِ من القلب وأعوانه والنفس وأعوانها فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ كالقلب وأعوانه فِي الْفُلْكِ وهو سفينة الاتباع وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا في بحار الدنيا ومياه الشهوات إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ عن طريق الوصول ورؤية الله تعالى، وعلى هذا المنوال ينسج الكلام في باقي الآيات.
ولمولانا الشيخ الأكبر قدس سره في هؤلاء القوم ونحوهم كلام تقف الأفكار دونه حسرى فمن أراده فليرجع إلى الفصوص يرى العجب العجاب والله تعالى الهادي إلى سبيل الرشاد.
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 4 صفحه : 399