responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 3  صفحه : 372
يختص به من الصفات والأفعال- كنسبة علم الغيب وإحياء الموتى بالذات- إلى عيسى عليه السلام فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ لأنها دار الموحدين، والمراد يمنع من دخولها كما يمنع المحرم عليه من المحرم، فالتحريم مجاز مرسل، أو استعارة تبعية للمنع إذ لا تكليف ثمة، وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لتهويل الآمر وتربية المهابة وَمَأْواهُ النَّارُ فإنها المعدة للمشركين، وهذا بيان لابتلائهم بالعقاب إثر بيان حرمانهم الثواب، ولا يخفى ما في هذه الجملة من الإشارة إلى قوة المقتضي لإدخاله النار وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ أي ما لهم من أحد ينصرهم بإنقاذهم من النار: وإدخالهم الجنة، إما بطريق المغالبة أو بطريق الشفاعة، والجمع لمراعاة المقابلة بالظالمين.
وقيل: ليعلم نفي الناصر من باب أولى لأنه إذا لم ينصرهم الجم الغفير، فكيف ينصرهم الواحد منهم؟!.
وقيل: إن ذلك جار على زعمهم أن لهم أنصارا كثيرة، فنفي ذلك تهكما بهم، واللام إما للعهد والجمع باعتبار معنى من كما أن إفراد الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها، وإما للجنس وهم يدخلون فيه دخولا أوليا، ووضعه على الأول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بأنهم ظلموا بالإشراك، وعدلوا عن طريق الحق، والجملة تذييل مقرر لما قبله، وهو إما من تمام كلام عيسى عليه السلام، وإما وارد من جهته تعالى تأكيدا لمقالته عليه السلام وتقريرا لمضمونها لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ شروع في بيان كفر طائفة أخرى منهم، وقد تقدم لك من هم، وثالِثُ ثَلاثَةٍ لا يكون إلا مضافا كما قال الفراء، وكذا- رابع أربعة- ونحوه، ومعنى ذلك أحد تلك الأعداد لا الثالث والرابع خاصة، ولو قلت: ثالث اثنين ورابع ثلاثة مثلا جاز الأمران: الإضافة والنصب.
وقد نص على ذلك الزجاج أيضا، وعنوا بالثلاثة- على ما روي عن السدي- الباري عز اسمه، وعيسى وأمه عليهما السلام فكل من الثلاثة إله بزعمهم، والإلهية مشتركة بينهم، ويؤكده قوله تعالى للمسيح عليه السلام: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة: 116] ، وهو المتبادر من ظاهر قوله تعالى: وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ أي والحال أنه ليس في الموجودات ذات واجب مستحق للعبادة- لأنه مبدأ جميع الموجودات- إِلَّا إِلهٌ موصوف بالوحدة متعال عن قبول الشركة بوجه، إذ التعدد يستلزم انتفاء الألوهية- كما يدل عليه برهان التمانع- فإذا نافت الألوهية مطلق التعدد، فما ظنك بالتثليث؟ ومِنْ مزيدة للاستغراق كما نص على ذلك النحاة، وقالوا في وجهه: لأنها في الأصل مِنْ الابتدائية حذف مقابلها إشارة إلى عدم التناهي، فأصل لا رجل: لا مِنْ رجل إلى ما لا نهاية له.
وهذا حاصل ما ذكره صاحب الإقليد في ذلك، وقيل: إنهم يقولون، الله سبحانه جوهر واحد، ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وأقنوم الابن، وأقنوم روح القدس، ويعنون بالأول الذات، وقيل: الوجود وبالثاني العلم، وبالثالث الحياة، وإن منهم من قال بتجسمها، فمعنى قوله تعالى: وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ لا إله بالذات منزه عن شائبة التعدد بوجه من الوجوه التي يزعمونها، وقد مرّ تحقيق هذا المقام بما لا مزيد عليه، فارجع إن أردت ذلك إليه وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ أي إن لم يرجعوا عما هم عليه إلى خلافه، وهو التوحيد والإيمان لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ جواب قسم محذوف سادّ مسد جواب الشرط- على ما قاله أبو البقاء- والمراد من الذين كفروا إما الثابتون على الكفر- كما اختاره الجبائي والزجاج- وإما النصارى كما قيل، ووضع الموصول موضع ضميرهم لتكرير الشهادة عليهم بالكفر، و «من» على هذا بيانية، وعلى الأول تبعيضية، وإنما جيء بالفعل المنبئ عن الحدوث تنبيها على أن الاستمرار عليه- بعد ورود ما ورد مما يقتضى القلع عنه- كفر جديد وغلو زائد على ما كانوا عليه من أصل الكفر، والاستفهام في قوله تعالى: أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ للإنكار، وفيه تعجيب من إصرارهم أو عدم مبادرتهم

نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 3  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست