نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 2 صفحه : 447
واللواطة زنا فظاهر، وأما على تقدير عدم التسمية فلأن ذكر ما يمكن قياسهما عليه في حكم البيان لحكمهما، وكم حكم ترك التصريح به في الكتاب اعتمادا على القياس- كحكم النبيذ، وكحكم الجد وغيرهما- اعتمادا على بيان ما يمكن القياس عليه وذلك لا ينافي كونه تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: 89] وأنه ما فرط فيه من شيء، ومن ادعى أن جميع الأحكام الدينية مذكورة في القرآن صريحا من غير اعتبار قياس، فقد ارتكب شططا وقال غلطا، وبالجملة المعول عليه ما ذهب إليه الجمهور، ويد الله تعالى مع الجماعة، ومذهب أبي مسلم وإن لم يكن من الفساد بمحل إلا أنه لم يعوّل عليه ولم تحط رحال القبول لديه، وهذا ما عندي في تحقيق المقام وبالله سبحانه الاعتصام.
ولما وصف سبحانه نفسه بالتواب الرحيم عقب ذلك ببيان شرط قبول التوبة بقوله جل شأنه: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ أي إن قبول التوبة، وعَلَى وإن استعملت للوجوب حتى استدل بذلك الواجبة عليه، فالمراد أنه لازم متحقق الثبوت البتة بحكم سبق الوعد حتى كأنه من الواجبات كما يقال: واجب الوجود، وقيل: عَلَى بمعنى من، وقيل: هي بمعنى عند، وعليه الطبرسي أي إنما التوبة عند الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ أي المعصية صغيرة كانت أو كبيرة، والتوبة مبتدأ، ولِلَّذِينَ خبره، وعَلَى اللَّهِ متعلق بما تعلق به الخبر من الاستقرار، أو بمحذوف وقع حالا من ضمير المبتدأ المستكن في متعلق الجار الواقع خبرا على رأي من يجوز تقديم الحال على عاملها المعنوي عند كونها ظرفا، وجعله بعضهم على حد هذا بسرا أطيب من رطبا، وجوز أن يكون عَلَى اللَّهِ متعلقا بمحذوف وقع صفة للتوبة أي إِنَّمَا التَّوْبَةُ الكائنة عَلَى اللَّهِ ولِلَّذِينَ هو الخبر، وهو ظاهر على رأي من جوز حذف الموصول مع بعض صلته، وذكر أبو البقاء احتمال أن يكون عَلَى اللَّهِ الخبر، ولِلَّذِينَ متعلقا بمحذوف وقع حالا من الضمير المستكن في متعلق الخبر، ويحتمل أن يكون متعلقا بما تعلق به الخبر، ولا يخفى أن سوق الآية يؤيد جعل لِلَّذِينَ خبرا كما لا يخفى على من لم يتعسف بِجَهالَةٍ حال من فاعل يَعْمَلُونَ أي يَعْمَلُونَ السُّوءَ متلبسين بها، أو متعلق يَعْمَلُونَ والباء للسببية، والمراد من الجهالة الجهل والسفه بارتكاب ما لا يليق بالعاقل لا عدم العلم خلافا للجبائي فإن من لا يعلم لا يحتاج إلى التوبة، والجهل بهذا المعنى حقيقة واردة في كلام العرب كقوله:
ألا (لا يجهلن) أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ومن هنا قال مجاهد فيما أخرجه عنه البيهقي في الشعب، وغيره: كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته، وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال: اجتمع أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فرأوا أن كل شيء عصي به فهو جهالة عمدا كان أو غيره، وروي مثل ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما،
وقال أبو عبد الله رضي الله تعالى عنه: كل ذنب عمله العبد وإن كان عالما فهو جاهل فيه حين خاطر بنفسه في معصية ربه، فقد حكى الله تعالى قول يوسف عليه السلام لإخوته: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ [يوسف: 89] فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله تعالى،
وقال الفراء: معنى قوله سبحانه: بِجَهالَةٍ أنهم لا يعلمون كنه ما في المعصية من العقوبة.
وقال الزجاج: معنى ذلك اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ أي من زمان قريب وهو ما قبل حضور الموت كما ينبئ عنه ما سيأتي من قوله تعالى: حَتَّى إِذا حَضَرَ إلخ
يروى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال في آخر خطبة خطبها: «من تاب قبل موته بسنة تاب الله تعالى عليه» ثم قال: «وإن السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر تاب الله تعالى عليه» ثم قال: «وإن الشهر لكثير من تاب قبل موته بيوم تاب الله تعالى
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 2 صفحه : 447