نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 13 صفحه : 233
فقد أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا ببغضهم علي ابن أبي طالب. وأخرج هو وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري ما يؤيده، وعندي أن بغضه رضي الله تعالى عنه من أقوى علامات النفاق فإن آمنت بذلك فيا ليت شعري ماذا تقول في يزيد الطريد أكان يحب عليا كرم الله تعالى وجهه أم كان يبغضه، ولا أظنك في مرية من أنه عليه اللعنة كان يبغضه رضي الله تعالى عنه أشد البغض وكذا يبغض ولديه الحسن والحسين على جدهما وأبويهما وعليهما الصلاة والسلام كما تدل على ذلك الآثار المتواترة معنى، وحينئذ لا مجال لك من القول بأن اللعين كان منافقا، وقد جاء في الأحاديث الصحيحة علامات النفاق غير ما ذكر
كقوله عليه الصلاة والسلام: «علامات المنافق ثلاث» الحديث
لكن قال العلماء هي علامات للنفاق العملي لا الإيماني، وقيل:
الحديث خارج مخرج التنفير عن اتصاف المؤمن المخلص بشيء منها لما أنها كانت إذ ذاك من علامات المنافقين.
واستدل بقوله تعالى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ من جعل التعريض بالقذف موجبا الحد، ولا يخفى حاله وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ فيجازيكم عليها بحسب قصدكم وهذا على ما قيل وعد للمؤمنين وإيذان بأن حالهم بخلاف حال المنافقين وقيل: وعيد للمنافقين وإيذان لهم بأن المجزى عليه ما يقصدونه لا ما يعرضون أو يورون به، واستظهر أنه خطاب عام فهو وعد ووعيد، وحمل على العموم قوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بالأمر بالجهاد ونحوه من التكاليف الشاقة حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ على مشاق التكاليف علما فعليا يتعلق به الجزاء، وفي معناه ما قيل:
أي حتى يظهر علمنا، وقال ابن الحاجب في ذلك: العلم يطلق باعتبار الرؤية والشيء لا يرى حتى يقع يعني على المشهور وهو هنا بمعنى ذلك أو بمعنى المجازاة، والمعنى حتى نجازي المجاهدين منكم والصابرين وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ فيظهر حسنها وقبيحها، والكلام كناية عن بلاء أعمالهم فإن الخبر حسنه وقبيحه على حسب المخبر عنه فإذا تميز الحسن عن الخبر القبيح فقد تميز المخبر عنه وهو العمل كذلك، وهذا أبلغ من نبلو أعمالكم، والظاهر عموم الأخبار، وجوز كون المراد بها اخبارهم عن إيمانهم وموالاتهم للمؤمنين على أن إضافتها للعهد أي ونبلو أخبار إيمانكم وموالاتكم فيظهر صدقها وكذبها. وقرأ أبو بكر الأفعال الثلاثة المسندة إلى ضمير العظمة بالياء، وقرأ رويس «ونبلو» بالنون وسكون الواو، والأعمش بسكونها وبالياء فالفعل مرفوع بضمة مقدرة بتقدير ونحن نبلو والجملة حالية، وجوز أن يكون منصوبا كما في قراءة الجمهور سكن للتخفيف كما في قوله:
أبى الله أن أسمو بأم ولا أب إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ صاروا في شق غير شقه، والمراد عادوه مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لما شاهدوا من نعته عليه الصلاة والسلام في التوراة أو بما ظهر على يديه صلّى الله عليه وسلّم من المعجزات ونزل عليه عليه الصلاة والسلام من الآيات وهم بنو قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر وقد تقدم ذكرهم، وقيل: أناس نافقوا بعد أن آمنوا لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ بكفرهم وصدهم شَيْئاً من الأشياء أو شيئا من الضرر أو لن يضروا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمشاقته شيئا وقد حذف المضاف لتعظيمه عليه الصلاة والسلام بجعل مضرته وما يلحقه كالمنسوب إلى الله تعالى وفيه تفظيع مشاقته صلّى الله عليه وسلّم.
وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ في مكايدهم التي نصبوها في إبطال دينه تعالى ومشاقة رسوله عليه الصلاة والسلام فلا يصلون بها إلى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا تثمر لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم ونحو ذلك، وجوز أن يراد أعمالهم التي عملوها في دينهم يرجون بها الثواب.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ قيل: إن بني أسد أسلموا وقالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلنا كأنهم منوا بذلك فنزلت فيهم هذه وقوله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 13 صفحه : 233