responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 363
- أن لا يدخلوها إلا خائفين- من المؤمنين، فذكر اللازم وأريد الملزوم، ولا يخفى أن النهي عن التخلية والتمكين المذكور في وقت قوة الكفار ومنعهم المساجد لا فائدة فيه سوى الاشعار بوعد المؤمنين بالنصرة والاستخلاص منهم، فالحمل عليه من أول الأمر أولى، واختلف الأئمة في دخول الكفار المسجد، فجوّزه الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه مطلقا للآية- فإنها تفيد دخولهم بخشية وخشوع- ولأن وفد ثقيف قدموا عليه عليه الصلاة والسلام فأنزلهم المسجد،
ولقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل الكعبة فهو آمن»
والنهي محمول على التنزيه أو الدخول للحرم بقصد الحج، ومنعه مالك رضي الله تعالى عنه مطلقا لقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة: 28] والمساجد يجب تطهيرها عن النجاسات، ولذا يمنع الجنب عن الدخول- وجوّزه لحاجة- وفرق الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بين المسجد الحرام وغيره وقال: الحديث منسوخ بالآية، وقرأ عبد الله «إلا خيفا» وهو مثل لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ أي عظيم بقتل أبطالهم وأقيالهم، وكسر أصنامهم، وتسفيه أحلامهم، وإخراجهم من جزيرة العرب التي هي دار قرارهم، ومسقط رؤوسهم، أو بضرب الجزية على أهل الذمة منهم وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ وهو عذاب النار لما أن سببه أيضا، وهو ما حكي من ظلمهم- كذلك في العظم- وتقديم الظرف في الموضعين للتشويق لما يذكر بعده.
«ومن باب الإشارة في الآية» ومن أبخس حظا وأنقص حقا «ممن منع» مواضع السجود لله تعالى وهي القلوب التي يعرف فيها فيسجد له بالفناء الذاتي أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ الخاص الذي هو الاسم الأعظم، إذ لا يتجلى بهذا الاسم إلا في القلب- وهو التجلي بالذات مع جميع الصفات- أو اسمه المخصوص بكل واحد منها، أي الكمال اللائق باستعداده المقتضي له وَسَعى فِي خَرابِها بتكديرها بالتعصبات وغلبة الهوى، ومنع أهلها بتهييج الفتن اللازمة لتجاذب قوى النفس، ودواعي الشيطان والوهم أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها ويصلوا إليها إِلَّا خائِفِينَ منكسرين لظهور تجلي الحق فيها لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وافتضاح وذلة بظهور بطلان ما هم عليه وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ وهو احتجابهم عن الحق سبحانه وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ أي الناحيتان المعلومتان المجاورتان لنقطة تطلع منها الشمس وتغرب، وكنى بمالكيتهما عن مالكية كل الأرض، وقال بعضهم: إذا كانت الأرض كروية يكون كل مشرق بالنسبة مغربا بالنسبة- والأرض كلها كذلك- فلا حاجة إلى التزام الكناية، وفيه بعد فَأَيْنَما تُوَلُّوا أي ففي أي مكان فعلتم التولية شطر القبلة، وقرأ الحسن تُوَلُّوا على الغيبة فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ أي فهناك جهته سبحانه التي أمرتم بها، فإذا مكان- التولية- لا يختص بمسجد دون مسجد ولا مكان دون آخر فَأَيْنَما ظرف لازم الظرفية متضمن لمعنى الشرط وليس مفعولا ل تُوَلُّوا- والتولية- بمعنى الصرف منزل منزلة اللازم، وثم اسم إشارة للمكان البعيد خاصة- مبني على الفتح- ولا يتصرف فيه يغير- من- وقد وهم من أعربه مفعولا به في قوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً [الإنسان: 20] وهو خبر مقدم، وما بعده مبتدأ مؤخر، والجملة جواب الشرط- والوجه- الجهة- كالوزن والزنة- واختصاص الإضافة باعتبار كونها مأمورا بها، وفيها رضاه سبحانه، وإلى هذا ذهب الحسن ومقاتل ومجاهد وقتادة، وقيل: الوجه بمعنى الذات مثله في قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88] إلا أنه جعل هنا كناية عن عمله واطلاعه مما يفعل هناك، وقال أبو منصور: بمعنى الجاه، ويؤول إلى الجلال والعظمة، والجملة- على هذا- اعتراض لتسلية قلوب المؤمنين بحل الذكر والصلاة في جميع الأرض- لا في المساجد خاصة-
وفي الحديث الصحيح «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا»
ولعل غيره عليه الصلاة والسلام لم تبح له الصلاة في غير البيع والكنائس، وصلاة عيسى عليه السلام- في أسفاره- في غيرها كانت عن

نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست