responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 357
أن الواقع فيهما البشارة بشرع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وإيجاب الرجوع إليه، وذلك لا يقتضي توقيت الأحكام لاحتمال أن يكون الرجوع إليه باعتبار كونه مفسرا أو مقررا أو مبدلا للبعض دون البعض فمن أين يلزم التوقيت بل هي مطلقة يفهم منها التأبيد فتبديلها يكون نسخا وأجيب عن الاستشكال بأنه لا يبعد أن يقال: إن القائلين بالنسخ أرادوا به البيان مجازا أو يقال: لعلهم فسروا الغاية بإماتتهم أو بقيام الساعة، والتأبيد إنما ينافي إطلاق الحكم إذا كان غاية للوجوب، وأما إذا كان غاية للواجب فلا، ويجري فيه النسخ عند الجمهور قاله مولانا الساليكوتي: إلا أن الظاهر لا يساعده فتدبر.
إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تذييل مؤكد لما فهم من سابقه، وفيه إشعار بالانتقام من الكفار ووعد للمؤمنين بالنصرة والتمكين، ويحتمل على بعد أن يكون ذكرا لموجب قبول أمره بالعفو والصفح وتهديدا لمن يخالف أمره وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ عطف على فاعفوا كأنه سبحانه أمرهم بالمخالقة [1] والالتجاء إليه تعالى بالعبادة البدنية والمالية لأنها تدفع عنهم ما يكرهون. وقول الطبري: إنهم أمروا هنا بالصلاة والزكاة ليحبط ما تقدم من ميلهم إلى قول اليهود راعِنا منحط عن درجة الاعتبار.
وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ أي أي خير كان، وفي ذلك توكيد للأمر بالعفو والصفح، والصلاة والزكاة، وترغيب إليه، واللام نفعية، وتخصيص الخير بالصلاة، والصدقة خلاف الظاهر، وقرىء تقدموا من قدم من السفر، وأقدمه غيره جعله قادما، وهي قريب من الأولى لا من الاقدام ضد الاحجام.
تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ أي تجدوا ثوابه لديه سبحانه فالكلام على حذف مضاف، وقيل: الظاهر أن المراد تجدوه في علم الله تعالى، والله تعالى عالم به إلا أنه بالغ في كمال علمه فجعل ثبوته في علمه بمنزلة ثبوت نفسه عنده وقد أكد تلك المبالغة بقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ حيث جعل جميع ما يعملون مبصرا له تعالى فعبر عن علمه تعالى بالبصر مع أن قليلا مما يعملون من المبصرات، وكأنه لهذا فسر الزمخشري البصير بالعالم، وأما قول العلامة إنه إشارة إلى نفي الصفات، وأنه ليس معنى السمع والبصر في حقه تعالى إلا تعلق ذاته بالمعلومات ففيه أن التفسير لا يفيد إلا أن المراد من البصير هاهنا العالم ولا دلالة على كونه نفس الذات أو زائدا عليه ولا على أن ليس معنى السمع والبصر في حقه تعالى سوى التعلق المذكور، وقرئ- «يعلمون» - بالياء والضمير حينئذ كناية عن كثير، أو عن أهل الكتاب فيكون تذييلا لقوله تعالى فَاعْفُوا إلخ مؤكدا لمضمون الغاية، والمناسب أن يكون وعيدا لأولئك ليكون تسلية، وتوطينا للمؤمنين بالعفو والصفح، وإزالة لاستبطاء إتيان الأمر، وجوز أن يكون كناية عن المؤمنين المخاطبين بالخطابات المتقدمة، والكلام وعيد للمؤمنين، ويستفاد من الالتفات الواقع من صرف الكلام من الخطاب إلى الغيبة، وهو النكتة الخاصة بهذا الالتفات ولا يخفى أنه كلام لا ينبغي أن يلتفت إليه وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى عطف على وَدَّ وما بينهما أعني فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا إما اعتراض بالفاء أو عطف على وَدَّ أيضا، وعطف الإنشاء على الاخبار فيما لا محل له من الإعراب بما سوى الواو جائز، والضمير- لأهل الكتاب- لا- لكثير منهم- كما يتبادر من العطف، والمراد بهم اليهود والنصارى جميعا، وكأن أصل الكلام- قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى- فلف بين هذين المقولين، وجعلا مقولا واحدا اختصارا وثقة بفهم السامع أن ليس المقصد أن كل واحد من الفريقين يقول هذا القول المردد، وللعلم

[1] المخالقة بالخاء المعجمة والقاف مفاعلة من الخلق الحسن.
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست