نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 1 صفحه : 317
وقال مجاهد والربيع: الْقُدُسِ من أسماء الله تعالى- كالقدوس- وزعم بعضهم أن إطلاق الروح على جبريل مجاز لأنه الريح المتردد في مخارق الإنسان- ومعلوم أن جبريل ليس كذلك- لكنه أطلق عليه على سبيل التشبيه من حيث إن- الروح- سبب الحياة الجسمانية، وجبريل سبب الحياة المعنوية بالعلوم، وكأن هذا الزعم نشأ من كثافة روح الزاعم وعدم تغذيها بشيء من العلوم، وخص عيسى عليه السلام بذكر التأييد بِرُوحِ الْقُدُسِ لأنه تعالى خصه به من وقت صباه إلى حال كبره، كما قال تعالى: إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا [المائدة:
110] ولأنه حفظه حتى لم يدن منه الشيطان، ولأنه بالغ اثنا عشر ألف يهودي لقتله، فدخل عيسى بيتا فرفعه عليه السلام مكانا عليا. وقيل:- الروح- هنا اسم الله تعالى الأعظم الذي كان يحيي به الموتى- وروي ذلك كالأول عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما- وقال ابن زيد: الإنجيل- كما جاء في شأن القرآن- قوله تعالى: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورى: 52] وذلك لأنه سبب للحياة الأبدية والتحلي بالعلوم والمعارف التي هي حياة القلوب وانتظام المعاش الذي هو سبب الحياة الدنيوية، وقيل: روح عيسى عليه السلام نفسه، ووصفها به لطهارته عن مس الشيطان، أو لكرامته عليه تعالى- ولذلك أضافها إلى نفسه- أو لأنه لم يضمه الأصلاب ولا أرحام الطوامث، بل حصل من نفخ جبريل عليه السلام في درع أمه فدخلت النفخة في جوفها، وقرأ ابن كثير «القدس» - بسكون الدال- حيث وقع، وأبو حيوة «القدوس» بواو.
أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ مسبب عن قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا بحيث لا يتم الكلام السابق بدونه كالشرط بدون الجزاء، وقد أدخلت- الهمزة- بين السبب والمسبب للتوبيخ على تعقيبهم ذلك بهذا، والتعجيب من شأنهم على معنى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وأنعمنا عليكم بكذا وكذا لتشكروا بالتلقي بالقبول- فعكستم بأن كذبتم- ويحتمل أن يكون ابتداء كلام- والفاء- للعطف على مقدر كأنه قيل: أفعلتم ما فعلتم- فكلما جاءكم- ثم المقدر يجوز أن يكون عبارة عما وقع بعد- الفاء- فيكون العطف للتفسير، وأن يكون غيره مثل «أكفرتم النعمة واتبعتم الهوى» فيكون لحقيقة التعقيب، وضعف هذا الاحتمال بما ذكره الرضي أنه لو كان كذلك لجاز وقوع- الهمزة- في الكلام قبل أن يتقدمه ما كان معطوفا عليه- ولم تجئ إلا مبنية على كلام متقدم، وفي كون الهمزة الداخلة على جملة معطوفة- بالواو أو الفاء، أو ثم- في محلها الأصلي، أو مقدمة من تأخير حيث إن محلها بعد العاطف خلاف مشهور بين أهل العربية، وبعض المحققين يحملها في بعض المواضع- على هذا- وفي البعض- على ذلك- بحسب مقتضى المقام ومساق الكلام- والقلب يميل إليه- قيل: ولا يلزم بطلان صدارة- الهمزة- إذ لم يتقدمها شيء من الكلام الذي دخلت هي عليه، وتعلق معناها بمضمونه غاية الأمر أنها توسطت بين كلامين لإفادة إنكار جمع الثاني مع الأول، أو لوقوعه بعده متراخيا أو غير متراخ، وهذا مراد من قال: إنها مقحمة مزيدة لتقرير معنى الإنكار أو التقرير، أي مقحمة على المعطوف مزيدة بعد اعتبار عطفه، ولم يرد أنها صلة وتَهْوى من- هوي- بالكسر إذا أحب، ومصدره- هوى- بالقصر، وأما- هوى- بالفتح فبمعنى سقط، ومصدره- هوي- بالضم وأصله فعول فأعل وقال المرزوقي: هوى- انقض انقضاض النجم والطائر، والأصمعي يقول: هوت العقاب إذا انقضت لغير الصيد.
وأهوت إذا انقضت للصيد، وحكى بعضهم أنه يقال: هوى يهوي هويا- بفتح الهاء- إذا كان القصد من أعلى إلى أسفل، وهوى يهوي هويا بالضم إذا كان من أسفل إلى أعلى- وما ذكرناه أولا هو المشهور- والهوي- يكون في الحق وغيره، وإذا أضيف إلى النفس فالمراد به الثاني في الأكثر، ومنه هذه الآية. وعبر عن المحبة بذلك للإيذان بأن مدار الرد والقبول عندهم هو المخالفة لأهواء أنفسهم والموافقة لها لا شيء آخر، ومتعلق اسْتَكْبَرْتُمْ محذوف أي
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 1 صفحه : 317