نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 1 صفحه : 314
أتستعملون البعض وتتركون البعض فالكلام محمول على المجاز بهذا الاعتبار لا اعتبار به كالقول بأن المراد بالبعض المؤمن به نبوة موسى عليه السلام، والبعض الآخر نبوة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم.
فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا الإشارة إلى الكفر ببعض الكتاب والإيمان ببعض، أو إلى ما فعلوه من القتل والاجلاء مع مفاداة- الأسارى- والجزاء المقابلة ويطلق في الخير والشر- والخزي- الهوان، والماضي- خزي- بالكسر، وقال ابن السكيت: معنى- خزي- وقع في بلية- وخزي- الرجل- خزاية- إذا استحى وهو- خزيان- وقوم- خزايا- وامرأة- خزيا- والمراد به هنا الفضيحة والعقوبة أو ضرب الجزية غابر الدهر أو غلبة العدو أو قتل قريظة وإجلاء النضير من منازلهم إلى أريحا وأذرعات.
وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كان عادت بني قريظة القتل وعادة بني النضير الإخراج فلما غلب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أجلى بني النضير وقتل رجال قريظة وأسر نساءهم وأطفالهم وتنكير- الخزي- للإيذان بفظاعة شأنه وأنه بلغ مبلغا لا يكنه كنهه، ومن هنا لم يخصه بعضهم ببعض الوجوه، وادعى أن الأظهر ذلك وجعل الإشارة إلى الكفر ببعض الكتاب والإيمان ببعض أي بعض كان ولذلك أفردها، وحينئذ يتناول الكفرة بنبوة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ونظيره من يفعل جميع ذلك، والدُّنْيا مأخوذة من دنا يدنو وياؤها منقلبة عن- واو- ولا يحذف منها- الألف واللام- إلا قليلا، وخصه أبو حيان في الشعر، وما نافية ومِنْ إن جعلت موصولة فلا محل ليفعل من الإعراب، وإن جعلت موصوفة فمحله الجر على أنه صفتها، ومِنْكُمْ حال من فاعل- يفعل- وإِلَّا خِزْيٌ استثناء مفرغ وقع خبرا للمبتدأ ولا يجوز النصب في مثل ذلك على المشهور. ونقل عن يونس إجازته في الخبر بعد إِلَّا كائنا ما كان، وقال بعضهم: إن كان مَا بعد إلا هو الأول في المعنى أو منزل منزلته لم يجز فيه إلا الرفع عند الجمهور، وأجاز الكوفيون النصب فيما كان الثاني فيه منزلا منزلة الأول، وإن كان وصفا أجاز فيه الفراء النصب- ومنعه البصريون- وحكي عنهم أنهم لا يجوزون النصب في غير المصادر إلا أن يعرف المعنى فيضمر ناصب حينئذ وتحقيقه في محله.
وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ أي يصيرون إليه فلا يلزم كينونتهم قبل ذلك في أشد العذاب، وقد يراد بالرد الرجوع إلى ما كانوا فيه كما في قوله تعالى: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ [القصص: 13] وكأنهم كانوا في الدنيا، أو في القبور في أشد العذاب أيضا فردوا إليه، والمراد به الخلود في النار وأشديته من حيث إنه لا انقضاء له، أو المراد أشد جميع أنواع العذاب ولكن بالنسبة إلى عذاب من لم يفعل هذا العصيان لأن عصيانهم أشد من عصيان هؤلاء وجزاء سيئة سيئة مثلها ويدل على ما قررناه قوله تعالى: مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ فلا يرد ما أورده الإمام الرازي أنه كيف يكون عذاب اليهود أشد من الدهرية المنكرين للصانع ولا يفيد ما قيل لأنهم كفروا بعد معرفتهم أنه كتاب الله تعالى وإقرارهم وشهادتهم إذ الكافر الموحد كيف يقال إنه أشد عذابا من المشرك؟! أو النافي للصانع وإن كان كفره عن علم ومعرفة. وضمير يُرَدُّونَ راجع إلى مِنْ وأوثر صيغة الجمع نظرا إلى معناها بعد ما أوثر الإفراد نظرا إلى لفظها لما أن الرد إنما يكون بالاجتماع وغير السبك حيث لم يقل مثلا- وأشد العذاب يوم القيامة- للإيذان بكمال التنافي بين جزاءي النشأتين، وتقديم- اليوم- على ذكر ما يقع فيه لتهويل الخطب وتفظيع الحال من أول الأمر، وقرأ الحسن وابن هرمز باختلاف عنهما، وعاصم في رواية المفضل- تردون- على الخطاب، والجمهور على الغيبة، ووجه ذلك أن يُرَدُّونَ راجع إلى من يفعل فمن قرأ بصيغة الغيبة نظر إلى صيغة مِنْ ومن قرأ بصيغة الخطاب نظر إلى دخوله في مِنْكُمْ لا أن الضمير حينئذ راجع إلى «كم» كما وهم وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ اعتراض وتذييل
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 1 صفحه : 314