responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 202
إلى القول بأن نار العصاة غير نار الكفار، ثم ما يتبادر من الآية الكريمة أن النار مخلوقة الآن والله تعالى أعلم بمكانها في واسع ملكه، وجعل المستقبل لتحققه ماضيا- كنفخ في الصور- والإعداد مثله في أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً [الأحزاب: 35] كما يقول المعتزلة خلاف الظاهر، والذي ذهب أهل الكشف إليه أنها مخلوقة غير أنها لم تتم وهي الآن عندهم دار حرورها هواء محترق لا جمر لها البتة ومن فيها من الزبانية في رحمة منعمون يسبحون الله تعالى لا يفترون وتحدث فيها الآلام بحدوث أعمال الإنس والجن الذين يدخلونها، ولذا يختلف عذاب داخليها وحدها بعد الفراغ من الحساب ودخول أهل الجنة الجنة من مقعر فك الثوابت إلى أسفل السافلين، فهذا كله يزاد إلى ما هو الآن.
ولذا كان يقول عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: إذا رأى البحر يا بحر متى تعود نارا، وكان يكره الوضوء بمائة ويقول: التيمم أحب إليّ منه وقال تعالى: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ [التكوير: 6] أي أججت، وليس للكفار اليوم مكث فيها وإنما يعرضون عليها كما قال تعالى: غُدُوًّا وَعَشِيًّا [غافر: 46] وهي ناران حسية مسلطة على ظاهر الجسم، والإحساس والحيوانية، ومعنوية وهي الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ [الهمزة: 7] وبها يعذب الروح المدبر للهيكل الذي أمر فعصى، والمخالفة وهي عين الجهل بمن استكبر عليه أشد العذاب، وقد أطالوا الكلام في ذلك وأتوا بالعجب العجاب، وحقيقة الأمر عندي لا يعلمها إلا الله تعالى ولا شيء أحسن من التسليم لما جاء به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فكيفية ما في تلك النشأة الأخروية مما لا يمكن أن تعلم كما ينبغي لمن غرق في بحار العلائق الدنيوية- وماذا علي إذا آمنت بما جاء مما أخبر به الصادق من الأمور السمعية مما لا يستحيل على ما جاء وفوضت الأمر إلى خالق الأرض والسماء أسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لما ذكر سبحانه وتعالى فيما تقدم الكفار- وما يؤول إليه حالهم في الآخرة وكان في ذلك أبلغ التخويف والانذار- عقب بالمؤمنين وما لهم جريا على السنة الإلهية من شفع الترغيب بالترهيب والوعد بالوعيد لأن من الناس من لا يجديه التخويف ولا يجديه وينفعه اللطف، ومنهم عكس ذلك فكأن هذا وما بعده معطوف على سابقه عطف القصة على القصة، والتناسب بينهما باعتبار أنه بيان لحال الفريقين المتباينين وكشف عن الوصفين المتقابلين، وهل هو معطوف على وَإِنْ كُنْتُمْ إلى أُعِدَّتْ أو على فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا الآية قولان؟ اختار السيد أولهما، وادعى بعضهم أنه أقضى لحق البلاغة، وأدعى لتلاؤم النظم لأن يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا خطاب عام يشمل الفريقين وَإِنْ كُنْتُمْ إلخ مختص بالمخالف ومضمونه الإنذار وَبَشِّرِ إلخ مختص بالموافق ومضمونه البشارة كأنه تعالى أوحى إلى نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يدعو الناس إلى عبادته، ثم أمر أن ينذر من عاند ويبشر من صدق، والسعد اختار ثانيهما لأن السوق لبيان حال الكفار ووصف عقابهم وقيل عطف على فَاتَّقُوا وتغاير المخاطبين لا يضر ك يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي [يوسف: 29] وترتبه على الشرط بحكم العطف باعتبار أن- اتقوا- إنذار وتخويف للكفار وَبَشِّرِ تبشير للمؤمنين، وكل منهما مترتب على عدم المعارضة بعدم التحدي لأن عدم المعارضة يستلزم ظهور إعجازه وهو يستلزم- استيجاب منكره- العقاب، ومصدقه الثواب لأن الحجة تمت والدعوة كملت، واستيجابهما إياهما يقتضي الإنذار والتبشير، فترتب الجملة الثانية على الشرط ترتب الأولى عليه بلا فرق، وقد يقال إن الجزاء فآمنوا محذوفا والمذكور قائم مقامه فالمعنى إن لم تأتوا بكذا فآمنوا وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أي فليوجد إيمان منهم وبشارة منك ووضع الظاهر موضع الضمير، وفيه حث لهم على الإيمان، ولعله أقل مؤنة، واختار صاحب الإيضاح عطفه على- أنذر- مقدرا بعد جملة أُعِدَّتْ وقيل: عطف على- قل- قبل فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وتقديره قبل يا أَيُّهَا النَّاسُ يحوج إلى إجراء مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا على طريقة كلام العظماء، أو تقدير قال الله بعد قل، والبشارة- بالكسر والضم- اسم من بشر بشرا وبشورا- وتفتح الباء- فتكون بمعنى الجمال، وفي الفعل لغتان، التشديد وهي العليا،

نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست