نام کتاب : جماليات المفردة القرآنية نویسنده : أحمد ياسوف جلد : 1 صفحه : 88
صوت «الأصحم» التي ينفر منها الذوق، لثقلها وشدّة جهرها، فإذا قارناها بقوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ [1] لمسنا التفاوت، فالهمس يتجسّد في تكرير السين، وهو يناسب الليل، وليس هذا في تسكين الصاد المطبق، وتسكين الميم الشفوي، فكأن «عسعس» ترسم الأجواء الليلية الهادئة، ويمكن أن نقارن بقوله عز وجل وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى [2]، ولهذا ندرك عدم مراعاته للسلاسة التي هي جزئيات الكلمات الحاملة للمعاني المقصودة.
لقد أولع هذا الرجل بالقوالب الظاهرة في قصار السور المكية، فلجأ إلى أمثال الأدلم والأزلم والجماهر، فأخفق في هذا الجزء من الكتاب الأعظم، ناهيك عن سائر السور القرآنية، وقد حسب أن داء الإغراب هذا يغطّي تفاهة مضمون كلامه، فوقع في هذيان كان القتل شفاء له من هذا الداء.
وفي إمكان المرء أن يقدم دراسة مستفيضة لأقواله، فيشذّبها من خلال علم فقه اللغة على الأقلّ، وذلك بنزاهة علمية، ليبين خطله.
وكان يجدر بالرافعي الذي أفاض في دراسة النظم الموسيقى للقرآن أن يطبق نظريته على كلام مسيلمة، كما طبق الخطابي إحساسه بالفروق اللغوية على استعمال مسيلمة المشين، على الرغم من إيماننا بتفاهة مضمون كلامه، فما هو إلا تخرّصات، ولا بد لنا أن نكذبه في تقليده الشكلي، لنؤكد أن الصورة الفنية للقرآن لا تصلها بلاغة بشر، لأن المضمون القرآني بمنأى عن هذيانه، أي بمنأى عن موضوعاته التافهة مما جرى على لسانه، والنّعرة الجاهلية لم تكن عمياء عن سخف ما قال، وقد كان في إمكان الرافعي أن يقدم دراسة صوتية، وليس يكفي أن يقول: «كل كلامه واه سخيف لا ينهض ولا يتماسك، بل هو مضطرب النّسج مبتذل المعنى مستهلك من جهتيه» [3].
فليس يتوضح معنى الاضطراب والتماسك والاستهلاك، وهو الأديب الذي ينثر صفحات في تأمل آية واحدة، فالإجمال لا يقتصر على القدامى. [1] سورة التكوير، الآية: 7. [2] سورة الليل، الآيتان: 1 - 2. [3] الرافعي، مصطفى صادق، إعجاز القرآن، ص/ 175.
نام کتاب : جماليات المفردة القرآنية نویسنده : أحمد ياسوف جلد : 1 صفحه : 88