نام کتاب : جماليات المفردة القرآنية نویسنده : أحمد ياسوف جلد : 1 صفحه : 216
وكثيرا ما يشير المعاصرون إلى صفة العذوبة، وإلى ذيّاك اللحن العذب، وإمتاعه للآذان، من غير أن يقدّموا شواهد وافية أو غير وافية تثبت صحّة رأيهم.
نجد من خلال استطلاع جهودهم الفنية أن سيّد قطب أكثر من اهتمّ بالمدود والحركات إلى جانب الرافعي، وإن مال في كثير من المواضع إلى الغموض والذاتية المبهمة، فنقع على تحليل شخصي يناسب نفسية الباحث فقط.
بيد أننا لا نخفي أنّه ما انفكّ يربط بين الصورة السمعية والحالة النفسية المطلوبة في الآية، وهنا مراعاة فنية، إلا أنّها خفيّة على كلّ نظرة سطحيّة عابرة.
ومن ذلك ما جاء في قوله عزّ وجلّ: وَقالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [1]، ومن الدّقة الباهرة أن يعلّق على جمال الْحَزَنَ بالفتحة، وهنا يستثنى من قاعدة الطّراز الذي رأى أن سكون الوسط أعدل من تحريكه، يقول سيّد: «الجو كلّه يسر وراحة ونعيم، والألفاظ مختارة، لتتسق بجرسها وإيقاعها مع هذا الجوّ الحاني الرّحيم، حتى «الحزن» لا يتّكأ عليه بالسكون الجازم، بل يقال «الحزن» بالتّسهيل والتخفيف [2].
وكثيرا ما نستشف رهافة حسّه، وإدراكه لدقائق فنية في بنية الكلمات، كالمدود والحركات والانسجام بين الشّدة والرخاوة، وذلك من خلال مصطلحين يظلّ يردّدهما في كتبه، وهما الإيقاع والجرس، ولا نجد عنده لغة علمية واضحة كما وجدنا عند الرافعي.
وثمّة مفردات وردت في بعض السّور المكية، وكانت بتركيبها جديدة على الصّياغة العربية المعهودة، وهذه المفردات هي الصاخّة على وزن اسم الفاعل من صخّ يصخّ، أي يؤثّر في الأذن بصوته الشديد، وكذلك اشتقّت الحاقّة من الحق، والقارعة من القرع، والواقعة من وقع يقع، والطامّة من فعل طمّ يطمّ. [1] سورة فاطر، الآية: 34. [2] قطب، سيّد، في ظلال القرآن، مج/ 5، ص 1/ 294 وانظر قطب، سيد، 1956، مشاهد القيامة، ط/ 2، دار المعارف بمصر، ص/ 101.
نام کتاب : جماليات المفردة القرآنية نویسنده : أحمد ياسوف جلد : 1 صفحه : 216