نام کتاب : دلائل الإعجاز - ت هنداوي نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 70
وبيت الفرزدق: [من الكامل]
والشّيب ينهض في الشّباب كأنّه ... ليل يصيح بجانبيه نهار «1»
وبيت بشّار: [من الطويل]
كأنّ مثار النّقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا، ليل تهاوى كواكبه «2»
ومما أتى في هذا الباب مأتى أعجب مما مضى كله، قول زياد الأعجم: [من الطويل]
وإنّا وما تلقي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر، مهما يلق في البحر يغرق «3»
وإنما كان أعجب، لأن عمله أدقّ، وطريقه أغمض، ووجه المشابكة فيه أغرب.
واعلم أنّ من الكلام ما أنت تعلم إذا تدبرته أن لم يحتج واضعه إلى فكر ورويّة حتى انتظم، بل ترى سبيله في ضمّ بعضه إلى بعض، سبيل من عمد إلى لآل فخرطها في سلك، لا يبغي أكثر من أن يمنعها التفرّق، وكمن نضد أشياء بعضها على بعض، لا يريد في نضده ذلك أن تجيء له منه هيئة أو صورة، بل ليس إلا أن تكون مجموعة في رأي العين. وذلك إذا كان معناك، معنى لا تحتاج أن تصنع فيه شيئا غير أن تعطف لفظا على مثله، كقول الجاحظ:
- (7/ 64)، وأوضح المسالك (2/ 329)، ومغني اللبيب (1/ 218، 2/ 392، 439). والعنّاب:
ثمر يطلق على شجر العنّاب وهو أحمر حلو لذيذ الطعم على شكل ثمرة النبق. والحشف من التمر:
أردؤه، وهو الذي يجف قبل نضجه فلا يكون له نوى ولا لحاء ولا حلاوة ولا لحم.
(1) البيت للفرزدق في ديوانه من قصيدة مطلعها:
أعرفت بين رويتين وحنبل ... دمنا تلوح كأنها الأسطار
ورويتين وحنبل: موضعان. الأسطار: أراد الأثر الخفي محته الأمطار، يقال: صاح العنقود يصيح إذا استتم خروجه من أكمته وطال وهو في ذلك غضّ، وتصيّح البقل والشّعر أي: تشقق، وقول رؤية: كالكرم إذ نادى من الكافور: أراد: صاح.
(2) البيت لبشار بن برد في ديوانه (1/ 318)، والمصباح (106) ويروى «رءوسهم» بدل «رءوسنا».
الأغاني (3/ 192)، والنقع: الغبار، وتهاوى: تتهاوى أي: تتساقط.
(3) البيت في الأغاني (15/ 392)، قاله حينما همّ الفرزدق أن يهجو عبد القيس فأسمعه زياد بيتين وكان هذا البيت أحدهما قال: أي زياد:
وما ترك الهاجون لي إن هجوته ... مصحّا أراه في أديم الفرزدق
فإنّا وما تهدي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر مهما يلق في البحر يغرق
فقال له الفرزدق: حسبك وما عاوده بشيء. والبيت في الإيضاح (231). ويروى البيت «وإنّا» بدل «فإنا».
نام کتاب : دلائل الإعجاز - ت هنداوي نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 70