responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دلائل الإعجاز - ت هنداوي نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 192
متروكة على ظاهرها، ويكون معناها مقصودا في نفسه ومرادا من غير تورية ولا تعريض.
والمثال فيه قولهم: «نهارك صائم وليلك قائم» و «نام ليلي وتجلّى همي»، وقوله تعالى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ [البقرة: 16]، وقول الفرزدق: [من الطويل]
سقتها خروق في المسامع، لم تكن ... علاطا، ولا مخبوطة في الملاغم «1»
أنت ترى مجازا في هذا كلّه، ولكن لا في ذوات الكم وأنفس الألفاظ، ولكن في أحكام أجريت عليها. أفلا ترى أنّك لم تتجوّز في قولك: «نهارك صائم، وليلك قائم» في نفس «صائم» و «قائم»، ولكن في أن أجريتهما خبرين على النهار والليل.
وكذلك ليس المجاز في الآية في لفظة «ربحت» نفسها، ولكن في إسنادها إلى التجارة.
وهكذا الحكم في قوله: «سقتها خروق» ليس التجوز في نفس «سقتها»، ولكن في أن أسندها إلى الخروق. أفلا ترى أنك لا ترى شيئا منها إلا وقد أريد به معناه الذي وضع له على وجهه وحقيقته، فلم يرد بصائم غير الصوم، ولا بقائم غير القيام، ولا بربحت غير الرّبح، ولا بسقت غير السقي، كما أريد «بسالت» في قوله: [من الطويل] وسالت بأعناق المطيّ الأباطح [2] غير السّيل.
واعلم أن الذي ذكرت لك في المجاز هناك، من أن من شأنه أن يفخم عليه المعنى وتحدث فيه النباهة، قائم لك مثله هاهنا، فليس يشتبه على عاقل أن ليس حال المعنى وموقعه في قوله: [من الرجز] فنام ليلي وتجلّى همّي [3] كحاله وموقعه إذا أنت تركت المجاز وقلت: «فنمت في ليلي وتجلّى همي»، كما لم يكن الحال في قولك: «رأيت أسدا»، كالحال في «رأيت رجلا كالأسد».
ومن الذي يخفى عليه مكان العلوّ وموضع المزية وصورة الفرقان بين قوله تعالى:
فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ، وبين أن يقال: «فما ربحوا في تجارتهم؟».

(1) البيت ليس في ديوانه، لكنه في الكامل للمبرد (؟ / 128). الملاغم: ما حول الفم مما يبلغه اللسان ويصل إليه، من اللغام وهو زبد أفواه الإبل.
[2] البيت في اللسان مادة/ طرق/ (9/ 218) من غير نسبة.
[3] البيت لرؤبة في ديوانه (142)، من قصيدة في مدح الحارث بن سليم من آل عمرو، وتمامه، والبيت قبله:
ورقاء دمى ذئبها المدمي ... حارث قد فرجت عني غمي
................ .. ... وقد تجلى كرب المحتم
نام کتاب : دلائل الإعجاز - ت هنداوي نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست