نام کتاب : علوم القرآن عند الشاطبي من خلال كتابه الموافقات نویسنده : محمد سالم أبو عاصي جلد : 1 صفحه : 148
وثانيهما: أن يكون معنى كلامهم هو أن الله أراد تجويع هؤلاء بعدم إطعامهم .. فلو أطعمناهم؛ يكون سعيا في إبطال فعل الله وأنه لا يجوز.
ثم أجاب بقوله:" إن هؤلاء المشركين نظروا بمقالتهم هذه إلى إرادة الأمر، ولم ينظروا إلى الأمر والطلب. وذلك أن السيد إذا أمر العبد بأمر لا ينبغي أن يكشف له سبب الأمر، والاطلاع على المقصود الذي أمر لأجله. مثاله: الملك إذا أراد الركوب للهجوم على عدو بحيث لا يطلع عليه أحد، وقال لعبده: أحضر المركوب .. فلو تطلع العبد، واستكشف المقصود الذي لأجله كان الركوب؛ لنسب إلى أنه يريد أن يطلع عدوه على الحذر منه، وكشف سره. قال: فالأدب في الطاعة هو اتباع الأمر، لا تتّبع المراد. فالله إذا قال: أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ [سورة يس: 47]؛ فلا يجوز لهم أن يقولوا: لم لم يطعمهم الله مما في خزائنه؟ " [1].
يقول الأستاذ الجليل سعاد جلال:" والذي يظهر لنا من وراء ما يقول هؤلاء الأئمة في رد إشكال قول المشركين في هذه الآية أن نقول: ليس من الصحيح أن الله لم يشأ إطعام أولئك المساكين المطلوب إطعامهم. والمشركون غالطون في نسبة هذه الدعوى إلى الله. بل إن الله يشاء إطعامهم، بدليل قوله في آية أخرى وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [سورة هود: 6]، فأثبت بهذه الآية أنه ألزم نفسه برزق جميع أفراد الإنسان وكلّ من له حركة يدب بها على الأرض، ولم يزل- سبحانه- قيوما بهذا الالتزام، لكنه جعل رزق الفقراء والعاجزين مقتطعا من أموال الأغنياء. فملكية الأغنياء في أموالهم مكفوفة عما [1] التفسير الكبير، الفخر الرازي، ط. دار الكتب العلمية، 26/ 75، 76.
نام کتاب : علوم القرآن عند الشاطبي من خلال كتابه الموافقات نویسنده : محمد سالم أبو عاصي جلد : 1 صفحه : 148