فإذا نظرنا إلى الإذاعة المرئية واستمعنا إلى المسموعة منها، وجدنا أنها تتجه فى الكثير من برامجها إلى إرضاء الجوانب الشهوانية التى تسيطر على اتجاهات الشباب، وتغذى عقله بتلك الآراء الفجة المسمومة التى تؤلف خصيصا لهذه الفئات، كى تفسد من تفكيرها، وتغرس فيها قيما بعيدة كل البعد عن معتقداتها، وما مشكلات الأحداث، وكثرة حوادث اغتصاب الفتيات، ومسلسل قتل الأزواج، إلا ولادة طبيعية لما يجرى أمام الأبصار فى برامج مهزوزة، فلا يجد من أصاب العطن عقله بالعقم، وشلت يده عن العمل نتيجة البطالة والكساد، وسقمت البرامج التعليمية عن تقديم ما يتناسب مع إدراكه وحاجياته الحقيقية فى الحياة، فلا يملك إزاء هذا إلا أن يقلد ما يرى ويسمع فى ليله ونهاره، وقد يدفعه ذلك أيضا إلى تلمس الغيبوبة عن الحياة التى يحياها، ولا يشعر بجدواها فيما يتناوله من مخدر، وأقراص تنسيه آلامه وقلقه وحيرته فى الحياة.
إنها مسئوليتنا جميعا، ولا نملك أن نحول بين هذا الشاب ونظائره ممن يتفقون معه أو يختلفون سلوكا ومنهجا، ويقعون فريسة التقليد فى المظهر، والمشرب، والمأكل، ولا نملك أن نحول بين سمعه وبصره ورؤية الأشياء المبثوثة فى جهاز التليفزيون، وشرائط الفيديو، والإذاعات الأجنبية، وبخاصة تلك الإذاعات التى تعمل عملها على تقويض دعائم الأمة الإسلامية بتقويض شبابها، وبث روح الانحلال فى أخلاق رجالها ونسائها، وإذا لم يكن قد كتب لها النجاح فى حروبها المستمرة، فإنها تملك ولا شك الوسائل الكفيلة بتحقيق انتصارات أخرى أقوى تأثيرا، وأشد تفتيتا لعضد هذه الأمة ومعقل قواها بالتأثير فى أرواحها، وتغيير سلوكها واتجاهاتها فى الحياة.
لقد أتاح التقدم العلمى لكل إنسان أن يشاهد وأن يسمع ما يقع فى الحياة بلغته وبغير لغته، ما يثير فيه الانتباه، ويغرس فيه القيم، ويشحذ منه الفكر، ويؤدى به إلى الانطلاق، ولكن ما الضمانات التى تكفل لنا نجاح هذه الأدوات فيما ترسله، وما تذيعه من برامج ومعلومات؟ لا سبيل إلى إنكار ما تقدمه من نجاحات علمية تفيد الحياة، والدارس، وتربط بين عقول العلماء والشعوب برباط المصلحة والنفع، وهو هدف نبيل لا ينكره إلا مكابر.
ولكن علينا أن نحسن استقبال ما يرسل إلينا عبر هذه الأقمار الصناعية، والإذاعات المسموعة، كما أحسنوا إرسالها، وذلك بحسن التطبيق والفهم المشترك بين العلماء الذى يخدم الحياة، وسرعة الاستجابة للمتغيرات التى تنشأ عن ذلك، ومحاولة إشراك الشباب