صدق الرسول الذى أرسل إليهم، معجزة موائمة لأحوالهم وما اشتهر بينهم من أمور، فكانت العصا التى تلقف ما صنع السحرة، وتبطل ما وصل إليه العلماء من أسرار،
وسطوة على فرعون وآله، إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى [طه: 69].
قال أيضا: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [الأعراف: 160].
وكذلك إذا نظرنا إلى آيات المسيح، عليه السلام، الذى أرسله الله إلى خراف بنى إسرائيل الضالة، وجدنا أن الله قد حباه بمعجزات مادية كثيرة مشاهدة بالأعين من تلك الجماعات الصغيرة التى أرسل إليها، فأجرى على يديه إبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى بإذن الله.
وقال الله تعالى: وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 49].
وكذلك معجزات سليمان، عليه السلام، وغيره من الأنبياء والرسل الذين أرسلوا إلى أقوام سابقين محدودى العدد، محصورين فى جماعات صغيرة من قوم صالح، وقوم هود ... إلخ، تأتيهم معجزة تتفق مع طبيعة الرسالة، ولكنها قليلة النتائج فما يلبث القوم إلا أن يرجعوا إلى تكذيب رسلهم كما حدث مع قوم موسى وعيسى، عليهما السلام.
2 - كذلك نرى من خصائص هذه المعجزات أنها تقع فى مكان واحد، يراها فيه أهل ذلك المكان فقط، وهى لذلك وقف على المشاهدين لها فقط، تنقرض بانقراض مشاهديها، كما تشاهد أيضا فى لحظة من الزمن ثم تختفى، ولا يكون لها صفة الاستمرارية، وكلها معجزات مادية محسوسة قريبة من معارف ذلك العصر، وما اشتهر عند القوم من طب وعلوم.