نام کتاب : مباحث في إعجاز القرآن نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 148
إنه مشهد رائع حافل، يبدأ متحركا ثم يسير وئيدا حتى تهدأ كل حركة ويسكن كل شيء ويخيّم على الساحة جلال الصمت ورهبة الخشوع. ويبدأ المشهد بالأرض جميعا في قبضة ذي الجلال، وها هي السماوات جميعا مطويّات بيمينه. إنها صورة يرتجف لها الحسّ ويعجز عن تصويرها الخيال، ثم ها هي ذي الصيحة الأولى تنبعث، فيصعق من يكون باقيا على ظهرها من الأحياء. ولا نعلم كم مضى من الوقت حتى انبعثت الصيحة الثانية فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ. وفي غير ضجيج وعجيج، تجتمع الخلائق.
وذلك أنّ كل شيء في هذا المشهد يتم في هدوء ويتحرّك في سكون.
فعرش ربك هنا تحف به الملائكة فما يليق الصخب في مثل هذا المقام.
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها أرض الساحة التي يتم فيها الاستعراض، أشرقت بالنور الهادئ بِنُورِ رَبِّها فإذا هي تكاد تشف من الإشراق، وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ، وطوي كلّ خصام وجدال في هذا المشهد خاصة وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ. فلا حاجة إلى كلمة واحدة تقال ولا إلى صوت واحد يرتفع.
وهكذا تجمل هنا عملية الحساب والجزاء، لأن المقام مقام روعة وجلال.
وإذا تم الحساب وعرف المصير وجّه كل فريق إلى مأواه وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حتى إذا وصلوا إليها بعيدا هناك استقبلهم خزنتها بتسجيل استحقاقهم لها وتذكيرهم بما جاء بهم إليها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (71) فالموقف موقف إذعان واعتراف وتسليم قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72). وكذلك وجّه الذين اتقوا ربهم إلى الجنّة حتى إذا وصلوا هناك استقبلهم خزنتها بالسلام والثناء سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ وارتفعت أصوات أهل الجنة بالحمد والدعاء: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ.
ثم يختم الشريط المصوّر بما يلقي في النفس روعة ورهبة وجلالا
نام کتاب : مباحث في إعجاز القرآن نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 148