نام کتاب : مباحث في إعجاز القرآن نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 122
- وبدأ بالعدل لأنه فرض، وتلاه بالإحسان لأنه مندوب إليه وقد يجب، فاحتوت الآية على حسن النسق، وعطف الجمل بعضها على بعض فقدم العدل وعطف عليه بالإحسان الذي هو جنس عام، وخص منه نوعا خاصا وهو إيتاء ذي القربى.
- ثم أتى بالأمر مقدما، وعطف عليه النهي بالواو، ثم رتب جمل المنهيات كما رتب جمل المأمورات في العطف بحيث لم يتأخر في الكلام ما يجب تقديمه ولم يتقدم عليه ما يجب تأخيره.
- ثم ختم ذلك كله بأمور مستحسنة ودعا إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة فاحتوت الآية على ضروب من المحاسن والقضايا وأشتات من الأوامر والنواهي والمواعظ والوصايا، ما لو بث في أسفار عديدة لما أسفرت عن وجوه معانيها، ولا احتوت على أصولها ومبانيها [1].
ب- المثال الثاني على الإيجاز بسورة قصيرة من القرآن الكريم وهي سورة الكوثر وأقصر سور القرآن: فعلى الرغم من كلماتها القليلة المحدودة تضمنت من المعاني البديعة والفصاحة والبلاغة الرائعة التي اقتضت بها أن تكون مصداقا لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23) [البقرة: 23].
فمن هذه المزايا والنكات البلاغية في سورة الكوثر:
1 - أن قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [1] دل على عطية كثيرة مسندة إلى معط كبير، ومن كان كذلك كانت النعمة عظيمة عنده، وأراد بالكوثر الخير الكثير، ومن ذلك الخير الكثير ينال أولاده إلى يوم القيامة من أمته، من غير ما وعد به الله وأعطاه في الدارين، من مزايا التعظيم، والتقديم، والثواب ما لم يعرفه إلا الله، وقيل إن الكوثر ما اختص [1] «الفوائد المشوق» لابن القيم، ص 69.
نام کتاب : مباحث في إعجاز القرآن نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 122