فمن إشارات القرآن قوله تعالى:
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل: 44]، وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ [النحل: 64].
وهذه بعض الشواهد التاريخية على ذلك:
1 - أعرابي يسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن معنى الظلم في قوله تعالى: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام: 82]، ففسره النبي صلّى الله عليه وسلّم بالشرك مستدلا بقوله تعالى:
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13].
2 - كما سئل أبو بكر عن قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا [عبس: 31]، فقال:
أي سماء تظلّني وأي أرض تقلّني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
3 - وعن ابن عباس قال: كنت لا أدري ما فاطِرِ السَّماواتِ [الأنعام: 14] حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي ابتدأتها.
ولقد كان ابن عباس هذا ترجمان القرآن الكريم وصاحب مدرسة سامقة في تفسير وتأويل القرآن، فلقد توسع في تفسير غريب القرآن مستدلا عليه بديوان العرب الشعر. ومسائله مع نافع بن الأزرق معلومة مشتهرة.
(ر- مسائل نافع بن الأزرق).
* ومما يذكر في هذا المقام أن دائرة الغريب تتسع من عصر إلى عصر بسبب ضعف ملكة البيان واستعجام اللسان، كما أن الاتصال باللغة العربية لغة القرآن الكريم هذه الأيام اختصت بها طائفة من الناس، وعني بها علماء وأدباء، وبذا اتسعت دائرة غريب القرآن الكريم.
* فمسائل نافع بن الأزرق بلغت قريبا من مائتي مسألة من غريب القرآن، أما ما ورد مثلا في كتاب معاني القرآن الكريم للفراء فعدده أكثر مما ورد في مسائل نافع بن الأزرق.
* وما ورد في كتاب حسنين مخلوف (كلمات القرآن) فهو أكثر بكثير مما ورد في ذينك المصدرين.
هذا التفاوت الكبير وهذا البون الشاسع في الغريب من عصر إلى عصر مرده إلى تلك الأسباب سالفة الذكر.
اتجاهات العلماء في تفسيرهم لغريب القرآن الكريم
: 1 - تفسير غريب القرآن الكريم حسب وروده في المصحف، وذلك باستعراض غريب كل سورة على حده.
مثّل هذا الاتجاه أبو عبيدة في (مجاز القرآن)، والفراء في (معاني القرآن)، وابن قتيبة في (غريب القرآن)، وحسنين محمد مخلوف في (كلمات القرآن) وغيرهم كثير.