وكما روى أبو داود والترمذي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تكلّم في القرآن برأيه فأصابه فقد أخطأ».
فهذا الذم إنما هو للرأي المجرد المتحكّم في النص القرآني من غير استناد إلى دليل من العربية أو مقاصد الدين ومهمّات الشريعة.
ويكون الذم لمن تأول القرآن وفق رأيه لتأييد مذهب أو نحلة أو نزعة، فيلوي النص ليا ليكون شاهدا له ومؤيدا لهواه.
فقد فسّرت طائفة البيانيّة وهم من غلاة الشيعة، قول الله: هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ [آل عمران: 138] فسرته بأنه بيان بن سمعان كبيرهم الذي كان يقول بألوهية علي والحسن والحسين.
أو يكون الذم لمن فسّر القرآن لما بدا من ظواهر اللغة دون النظر إلى استعمال العرب، وذلك كما يفسّر وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً [الإسراء: 59] مفسرا مبصرة بأنها ذات بصر نافذ.
ولا يخفى أخيرا أن باب التأويل والتفسير لكتاب الله واسع ومفتوح ولكن وفق ضوابط اللغة التي نزل بها القرآن ووفق ما تقرر من أصول الدين ومقاصد الشرع.
- هذا والتفسير بالمعقول لا يجري وحيدا في ميدان تأويل النص القرآني، بل يقارنه التفسير بالمأثور، فما أثر فيه قول من السنّة أو أقوال الصحابة، فهو معين للمفسر في سبيل الوصول إلى المعنى القرآني المراد، ومن ثمّ حاجة كل من التفسيرين المعقول والمنقول إلى الآخر حاجة ماسة.
التفسير بالمنقول
: يطلق على:
1 - تفسير القرآن بالقرآن، وهذا أفضل التفاسير وآكدها، لأن القرآن يفسّر بعضه بعضا.
مثال
: قول الله: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام: 82] فسّره قوله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13].
2 - تفسير القرآن بالسنّة الصحيحة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
مثال
: أخرج مسلم عن عقبة بن عامر قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول وهو على المنبر: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال: 60] ألا إن القوة الرمي.
وأخرج البخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الكوثر:
(إنه نهر وعدنيه ربي في الجنة).
3 - تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.