وجهاً صحيحاً [1].
= في روح المعاني 2: 51. وفسّر الراغب (يطيقونه) في الآية بالمعنى المعروف، ولكن فسّر لفظ (الطاقة) في قوله تعالى {ربنا ولَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} بأنها "اسم لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقة" لتوهمه أن الآية يلزم منها -إذا لم تتضمن كلمة الطاقة معنى المشقة- جواز التكليف بما لا يطاق. وتابعه بلديّه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في كتابه المجموع المغيث إلى (2: 372) الذي أحد مصادر ابن الأثير في النهاية. وعن طريق النهاية دخل هذا المعنى في لسان العرب. وفرّق الرازي في تفسيره (5: 85) بين الوسع والطاقة بأن "الوسع اسم لمن كان قادراً على الشيء على وجه السهولة، أما الطاقة فهو اسم لمن كان قادراً على الشيء مع الشدة والمشقة، وقال أيضاً في تقرير أحد الأقوال في تفسير الآية: "لا يقال في العرف للقادر القوي إنه يطيق هذا الفعل لأن هذا اللفظ لا يستعمل إلا في حق من يقدر عليه مع ضرب من المشقة" (5: 86). قلت: جائز أن يكون هذا العرف في زمن الرازي، أما العرب الذين نزل القرآن في لغتهم، فإنّ عرفهم مضادّ لعرف الرازي. ولعله استند إلى ما قاله الراغب في تفسير لفظ "الطاقة" وما ذكره الزمخشري على وجه الاحتمال. فإنه بعدما فسّر (يطيقون) في الآية بمعنى القدرة، أشار إلى قراءة (يطوّقون) الشاذّة، وفسّرها بمعنيين: بمعنى يطيقون وبمعنى "يكلّفونه أو يتكلفونه على جهد منهم وعسر". ثم قال: "ويجوز أن يكون هذا معنى (يطيقونه) أي يصومونه جهدهم وطاقتهم ومبلغ وسعهم" (الكشاف 1:226).
وكل ذلك تخبط لا غير، لجأوا إليه فراراً من إشكال أو توجيهاً لبعض الأقوال وسعياً لتحميل الآية إياه، من غير حجة لهم في القرآن أو الحديث أو الشعر أو كلام المتقدمين من أهل التأويل أو أهل اللغة. والشواهد كلها تثبت أن الإطاقة والطاقة بمعنى الاستطاعة التي هي شرط التكليف في الشرع، فإن قيل: فلان مطيق للصوم أو له طاقة بالصوم، فمعناه أنه قادر على الصوم قدرةً توجب تكليفه إياه، ولا يعني قطعاً أن الصوم يشقّ عليه مشقة ترخص له في الإفطار. [1] كثر استعمال مشتقات الإطاقة في الأحاديث، ونقتصر هنا على بضعة أحاديث من الصحيحين والموطأ لمنزلتهما من الصحة، ولأن سياقها وسياق الآية واحد، وهو بيان الأحكام الشرعية: [1] - حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة. قال: من هذه؟ قالت: فلانة -تذكر من صلاتها- قال: "مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يملّ الله حتى تملّوا". هذا لفظ البخاري في كتاب الإيمان، باب أحبّ الدين إلى الله أدومه. انظر الفتح 1: 101. وفي كتاب التهجد، باب ما يكره من التشدد في العبادة: =