إليه. وكثيراً ما ينبّه القرآن على ذلك. وهكذا [1] هاهنا قدّم أعمالهم الناشئة من مرض قلوبهم.
ولما كان نفاقهم نتيجة الحقد والارتياب عبّر القرآن عنه بالمرض. وقد مرَّ أن العرب كانت تسمي الضغن مرضاً [2] والانتقام شفاء [3]. وأما [1] يعني في أول سورة البقرة. [2] ومنه قول ثابت قطنة الأزدي في حماسة البحتري 80:
وما أخي بالذي يرضى بمنقصتي ... ولا الذي يظهر البغضاءَ والمرَضا
علق الفراهي في حاشية نسخته: "المرض أي البغض والشنآن".
وقال مسلم بن معبَد الأسدي من أبيات في الخزانة 2: 310:
جوِينَ مِنَ العَداوةِ قد وَرَاهم ... نَشِيشُ الغيظ والمرضُ الضَّناءُ
وقال الشماخ من قصيدة في ديوانه 215:
أجاملُ أقواماً حياءً وقد أرى ... صدورَهمُ تغلي عليّ مِراضُها [3] وهو كثير جداً، ومنه قول قيس بن الخَطيم من قصيدة في ديوانه 44:
ضربتُ بذِي الخِرصَين رِبقةَ مالكٍ ... فأُبْتُ بنفسٍ قد أصبتُ شِفاءَها
ذو الخرصين: سيفه.
وقال الأخنس بن شهاب التغلبي من أبيات في حماسة البحتري 19:
ولما رأيتُ الثأرَ قد حِيلَ دونَه ... مشيتُ لَهم قَطْواً وكنتُ لهم حِلسا
ولاحظتُ ثأري فيهم لأنالَه ... متى ما أنَلْه أشفِ من عامرٍ نفسَا
مشَى قَطْواً: قارب في مشيه. حِلْساً: مُلازِماً.
وقال يزيد بن المخرِّم من بني الحارث بن كعب -جاهلي- من قصيدة في قصائد نادرة 50:
وإنَّ القَود بعد القَود يشفي ... ذوي الأضغان من لَهَب الأُحَاحِ
الأحاح: شدة الغيظ والحقد.
قال حاجز بن عوف الأزدي -جاهلي- من أبيات في قصائد جاهلية 82:
ولقد شفاني أن رأيتُ نساءَكم ... يَبكِينَ مُرْدِفَةً عَلَى الأكفالِ
وقال عوف بن الأحوص أو خداش بن زهير من قصيدة في المفضليات: 365 والأصمعيات 217:
وكانت قريشٌ لو ظهرنا عليهم ... شِفاءً لِما في الصدر والبغضُ ظاهرُ