فَلأَنتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وبَعْـ ... ـضُ القوم يخْلُقُ ثُمَّ لا يَفرِي (1)
ثم توسّع إلى إعطاء الوجود.
(95) ذلك الكتاب (2)
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من السلف أن معناه: هذا الكتاب [3]، وعَنَوا بذلك أن المراد هو هذا الكتاب لا غيره، وهو قول صحيح. وليس معناه أن كلمة "ذلك" بمعنى "هذا"، فإنّ بينهما فرقاً عظيماً. وتفصيله في كتاب المفردات [4]، ونذكر هنا بقدر الكفاية.
فاعلم أن "هذا" تشير إلى ما كان بين يديك وتُرِيه المخاطب، ولذلك تصدره بحرف "ها"، فتُريه ما بين يدي المخاطب، كما تقول: هأنذا، قال تعالى:
(1) من قصيدة له في ديوانه بشرح ثعلب 76 - 82 والأعلم 114 - 121، والبيت وحده في سيبويه 4: 185 ومعاني الأخفش 417 والمشكل 507، والطبري (الحلبي) 18: 11 واللسان (خلق - فرى). الفري: القطع. يقول: أنت إذا قدّرتَ أمراً قطعته وأمضيته، وغيرك يقدّر ما لا يقطعه، لأنه ليس بماضي العزم.
وأنشد في اللسان (خلق) قول الكميت:
أرادوا أن تُزَايلَ خالقاتٌ ... أَدِيمَهمُ، يقِسْن ويفترينا
وقال: يصف ابني نزار بن معد، وهما ربيعة ومضر. أراد أن نسبهم وأديمهم واحد، فإذا أرادت خالقات الأديم التفريق بين نسبهم تبين لهن أنه أديم واحد لا يجوز خلقه للقطع، وضرب النساء الخالقات مثلاً للنسابين الذين أرادوا التفريق بين ابني نزار.
وأنشد ابن فارس في المقاييس (خلق) وعزاه إلى الكميت في المجمل (خلق):
لم يَحشِمِ الخالقاتِ فَريتُها ... وِلم يَغضْ مِن نطافها السَّرَبُ
(2) تفسير سورة البقرة: ق 17 - 19، الآية 2 {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}. [3] رواه الطبري عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والسدّي (شاكر 1: 255). [4] لم نجده في مسودته.