واعلم أن مفهوم أصل هذه المادة: الانشراح [1]. فاشتق منها الفلج والفرْج والفَرْق والفَلْق والفَلْغ [2]. وهي موجودة في العبرانية [3]. ومن ههنا الفلاّح للحارث، لما هو يفرق التراب عند الحرث. وقيل في اسم "فالج" الذي هو في سلسلة النسب بين نوح وإبراهيم عليهما السلام: إنه سمى بفالج لأنه كان يحرث الأرض [4].
وأيضاً جاء في كلام العرب بمعنى: بَقِي [5]. فهذه ثلاثة وجوه. و "المفلحون" جامع لها. فإن المتقين [6] هم الفائزون، وهم المتنعمون الباقون [1] وجعلها ابن فارس أصلين: الشقّ، والفوز والبقاء. انظر المقاييس (فلح). [2] ومنه الفَلْع والثلْغ كما نصّ عليه ابن السكيت 125، ومنه بلج. [3] يعني "فلح" [. . .] ومعناه بالعبرانية: حَرَثَ وشَقَّ. و "فلغ" و "فرق" أيضاً بالعبرانية: الأول بالعبرانية بمعنى: شقّ وقَسَمَ، وبالآرامية: قَسَمَ، والحبشية: مسيل ونهر، وبالأشورية Palgu: قناة. (جزينيوس 811، 812). والثاني بالعبراني: مَزَّقَ وفرَّقَ، والسريانية والمندائية: نزع وخلص، ومنه "فاروقا" بمعنى المخلِص و "فرقانا": الخلاص، والحبشية: أطلق. (جزينيوس 83، مفاهيم 254) و "فَلَقَ" في الأكدية Pilaqqu: الفأس الصغير، وهي في السومرية Balag والسريانية "فلقا". و "فلق" في المندائية: فلق وشق (جيفري 229) و "فرج" في السريانية: خلو البال والابتهاج والإشراق (إسمث 757). [4] انظر ( PELEG) في NEW BIBLE DICTIONARY. أما التعليل الذي ورد في سفر التكوين 10: 25 فهو أنه سمي بفالج "لأنّ في أيامه قسمت الأرض". [5] ومنه قول الأضبط بن قُريع من أبيات سيأتي تخريجها في ص 357:
لكلِّ همٍّ من الهموم سَعَهْ ... والمسيُ والصبحُ لا فلاحَ معه
وقال أعشى قيس من قصيدة في ديوانه (ط 7) 287:
أو لَئِن كنّا كقومٍ هلكوا ... ما لِحيٍّ يا لَقَومي مِن فَلَحْ
وقال لبيد بن ربيعة من قصيدة في ديوانه (الخالدي) 2: 81.
نحُلّ بلاداً كلّها حُلَّ قبلنا ... ونرجو الفلاحَ بعد عادٍ وحميرِ
علّق الفراهي في حاشية نسخته من الديوان: "الفلاح هو البقاء".
وقال المخبّل الثُمالي من أبيات في المؤتلف والمختلف 270:
أفبعدَ أملاكٍ مضَوا مِن حمِيرٍ ... أرجو الفلاح ولات حينَ فلاحِ [6] في الأصل: المتقون، وهو سبق قلم.