فاستعمل الصفة بتقدير الموصوف: أي في غبار كوثَرٍ. وقد جعلوا منه فعلاً، كما قال حَسَّان بن نُشْبَةَ ([1]):
أبَوا أنْ يُبِيحُوا جارَهُم لِعَدُوِّهِم ... وقَد ثارَ نَقْعُ الْمَوتِ حتَّى تكوثَرَا (2)
فالكوثر هاهنا [3] من جهة اللسان محتمل لثلاثة وجوه من التأويل:
(1) الأول أنه منقول إلى الاسمية، فصار مختصاً بشيء وسماه الله تعالى بالكوثر.
(2) والثاني أنه صفة قدِّر موصوفها، فصار له بعض التخصيص، كقولهم: "مُرْدٌ على جُرْدٍ" [4] أي رجالٌ مُرْدٌ على خيلٍ جُرْدٍ. وكقوله تعالى:
= احتدمن: اشتد عَدْوُهن. الجِلال: جمع جُلّ، وهو شراع السفينة. وذكر السكري أنه شبه الغبار بجِلال الدوابِّ. [1] من شعراء الحماسة. قال أبو الندى: هذا الاسم مصحف، والصواب: جِسَاس بن نُشْبَة واياه عنى جرير في قوله يهجو جَخدَب بن جَرعَب النسّابة:
لَقَدْ شَهِدَتْ تَيْمٌ على أم جَخْدَب ... وكانَ سَرَاةَ التَّيمِ رَهْطُ جسَاسِ
(إصلاح ما غلط فيه النمري: 68). وهو جساس بن نُشْبة بن رُبيَع بن عمرو بن عبد الله بن لؤي، من بني تيم بن عبد مناة. من ولده مزاحم بن زفر بن علاج بن مالك بن الحارث بن عامر بن جساس، كان شريفاً بالكوفة، روى عن شعبة. انظر جمهرة الكلبي: 281 - 282، وابن حزم: 199، والتأج. وقال الكلبي: لم أسمع بجِساس مخففاً في العرب غير هذا.
(2) من حماسية له في المرزوقي: 338 والتبريزي 1: 177، والبيت وحده في اللسان (كثر) والعجز وحده في الصحاح (كثر). أَبوا: الفعل لبني تيم.
وقال القعقاع بن عمرو التميمي وهو من فرسان القادسيّة يذكر يوم بُزاخة من أبيات في معجم البلدان 1: 408.
وأفلتهنَّ المُسحَلانِ وقد رأى ... بعينيه نقعاً ساطعاً قد تكوثرا [3] يعني "في سورة الكوثر" كما في المطبوعة بدل "هاهنا". [4] قال عَمْرو بن معد يكرب الزُّبَيدي من أصمعية له: 129 في الديوان: 52.
ومُرْدٍ عَلَى جُرْدٍ شَهِدتُ طِرادَها ... قُبيلَ طلوع الشمسِ أو حِينَ ذرَّتِ
وقال أُمَيَّة بن أبي الصلت (السيرة 3: 33 والديوان: 351): =