(5) صفاته وأخلاقه:
كان الفراهي رحمه الله معروفاً بفرط الذكاء ونفاذ البصر وسرعة الإدراك ودقة الاستنباط. وكان ورعه وزهده في الدنيا، وقصده في العيش، وعزوفه عن السمعة، وحسن تعبده، مع جود وغنى نفس وتواضع، موضع إجماع من معاصريه.
كان العلامة شبلي النعماني رحمه الله يقول: "من جلس إلى عبد الحميد انصرف قلبه عن الدنيا" [1].
ويقول السيد سليمان الندوي رحمه الله: "كان رحمه الله آية من آيات الله في حدة الذهن وكثرة الفضل وسعة العلم ودماثة الخلق وسداد الرأي والزهد في الدنيا والرغبة في مرضاة الله" [2].
ومما وصفه به صاحب نزهة الخواطر: "جودة فهم، ووفور ذكاء، وشهامة نفس، وانجماع لا سيما عن بني الدنيا، وعدم اشتغال بما لا يعنيه".
ويقول الأستاذ عبد الماجد الدريابادي رحمه الله: "لم تر عيني مثله في الصبر والشكر والقناعة والتوكل وغنى النفس". وقال في موضع آخر: "كانت شخصية الفراهي قوية جذابة، قلما رأينا مؤمناً قانتاً مثله، قيل في وصف أولياء الله إن الجلوس معهم يذكّر الإنسان بالله سبحانه، وكان يصدق هذا الوصف على الفراهي صدقاً تاماً. أما الصلاة فكأن قلبه معلق بأوقاتها. أقام في حيدر آباد سنوات عميداً لدار العلوم، يتقاضى مرتباً عالياً، وكانت صلته بطبيعة الحال بعلية القوم، لكن لم يتغير شيء مما كان عليه من القناعة والاقتصاد في المطعم والملبس والديانة والصدق والإخلاص. أما مجالسه فلا مجال فيها للغيبة ولغو القول والهزل. وبالجملة فلم يكن له نظير لا في العلم والفضل [1] حيات حميد: 55. [2] ترجمة الفراهي الملحقة بكتابه إمعان في أقسام القرآن ط دار القلم: 15.