. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومع تبدل الزمان، ويسير هذا المصنوع في رواة الكوفة والبصرة. ويعرفه الجاحظ وأبو تمام، وهما من هما، ويعرفه أيضاً من لا نعلم من أئمة نقد الشعر في عصر الرواية وشيوخها، ثم يجوز عليهم هذا الشعر المصنوع، كما يظن القفطي (صاحب التحف والنوادر!؟) ثم ماذا؟ ثم لا يكون فيهم من يميّز ذلك، حتى يحتاج الأمر، بعد زمان من سيرورة الشعر فيهم، إلى أن يقرّ خلَف شيخ البصرة، لدعبل الفتى الكوفي، بأنه هو الذي وضعه وصنعه!! أي سخف هذا؟ ولو كان الأمر في بيت أو بيتين، لقلنا: عسى أن يكون! أما في قصيدة تامة كهذا فلا، ولا كرامة! ... ".
أما معنى البيت فقد فسّره الأستاذ محمود شاكر على أن الصفات المذكورة في الصدر صفات الفرس "فالشاعر مثّل صاحبه في الشطر الأول -وهو في الحي- فرساً أحوى من الجياد العتاق ذيّالاً يرفل من خيلائه وزهوه ومثّله في الشطر الثاني، إذا فارق حيّه في غاراته، سِمعاً أزلّ سريع الخطفة، لا تفلت فرائسه" والسمع: ولد الذئب من الضبع، فيما يزعمون، والأزل: الأرسح الخفيف الوركين، وهي صفة لازمة للذئب.
قلت: كنت نقلتُ كلام الأستاذ هذا من صفحات مجلة المجلة قبل أكثر من عشر سنوات. وقد نشر البحث بأخرة في صورة كتاب عام 1416 هـ. ومن شواهد الأحوى:
1 - قول الأسوَد بن يعفُر النهشَلي -جاهلي- من قصيدة له في المفضليات (219):
ولَقَد غَدوتُ لعازِبٍ مُتناذَرٍ ... أحوَى المذانبِ مُؤنقِ الرُوّادِ
عازب: بعيد، أراد مكاناً. متناذر: يتناذره الناس لخوفه. المِذنَب: المسيل بين تلعتين. المؤنق: المعجب.
2 - وقال أبو دُواد الإيادي:
عَبَق الكِباءُ بهنّ كلَّ عَشيَّةٍ ... وغَمَرنَ ما يلبَسْنَ غيرَ جِمادِ
كرِكٌ كلَون التين أحوى يانعٌ ... متراكبُ الأكمامِ، غيرَ صَوادِ
انظر شعره في الدراسات: 311. الكِباءُ: ضرب من العود والمدخنة. الجِماد: ضرب من البرود. غَمَرنَ: زَعفَرنَ ثيابهن. كرِك: أحمر، يعنى الجِماد، فإن لونه أحمر كالتين الطرِيّ الناضج حين يكون متراكب الأكمام.
3 - وقال الطفيل الغنوي، وهو جاهلي، من قصيدة في ديوانه (85):
نشُقّ العِهادَ الحُوَّ لم تُرعَ قبلَنا ... كما شُقَّ بالمُوسى السَّنام المُفَلَّعُ
العَهد: مطَر بعدَ مطر والجمع: عِهاد، وأراد أرضاً أصابتها العِهادُ. المفلَّع بالفاء مِن فَلَّعَ الشيءَ: شقَّه. انظر اللسان (فلع). =