بالتي سبقت تبين ذلك. فقال تعالى:
{وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [1].
(2) الآلاء
أجمعوا على أنّ معناه: النعم، ولكنّ القرآن -وأشعار العرب- يأباه [2]. [1] سورة القصص، الآية: 9. [2] انظر ما شئت من كتب التفسير والغريب واللغة. ولم يعبأوا بما رواه الطبري (27: 124) عن ابن زيد أنه قال: الآلاء: القدرة، بعدَ ما ذكر الطبري نفسه هذا القول ضمن الروايات التي احتج بها على معنى النعم! ثم التزم الطبري تفسير الآلاء بالنعم في جميع المواضع التي وردت فيها في القرآن الكريم إلا موضعاً واحداً، وهو بعد قوله تعالى في سورة الرحمن: 37 {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} فقال (27: 142): "يقول تعالى ذكره: فبأي قدرة ربكما معشر الجن والإنس على ما أخبركم بأنه فاعل بكم تكذبان؟ " فهل رأى الطبري معنى النعم لا يستقيم في هذه الآية؟ ولأمر ما نرى الرازي يتساءل مرة بعد أخرى إذا جاءت الآية {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} بعد ذكر عجائب خلق الله، فيقول مثلاً في تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}: "فإن قيل: المقصود تعديد النعم على الإنسان، فما وجه بيان خلق الجانّ؟ " ثم يجيب من وجوه "ثالثها أن الآية مذكورة لبيان القدرة لا لبيان النعمة" (29: 99) ويقول في تفسير الآية 22: "المسألة الثالثة: أي نعمة عظيمة في اللؤلؤ والمرجان حتى يذكرهما الله مع نعمة تعليم القرآن وخلق الإنسان؟ وفي الجواب قولان ... الثاني أن نقول: هذه بيان عجائب الله تعالى لا بيان النعم ... " (29: 103). وقال القرطبي (17:159):
"الآلاء: النعم، وهو قول جميع المفسرين ... وقال ابن زيد: إنها القدرة ... وقاله الكلبي، واختاره الترمذي محمد بن علي وقال: هذه السورة من بين السور علم القرآن ... وإنما صارت علماً لأنها سورة صفة الملك والقدرة". وهو الحكيم الترمذي صاحب نوادر الأصول في أحاديث الرسول، توفي نحو سنة 320 هـ. انظر الأعلام 6: 272.