والفاسق بالمعاصي التي لا توجب الكفر لا يخلد في النار، بل أمره مردود إلى الله تعالى، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة من أول وهلة برحمته وفضله، وإن شاء عاقبه بقدر الذنب الذي مات مصراً عليه، ولا يخلده في النار، بل يخرجه برحمته، ثم بشفاعة الشافعين إن كان مات على الإيمان [1].
وقد أجمع أهل السنة والجماعة على أن المعاصي صغرت أم كبرت لا تؤدي بذاتها إلى الحكم على المسلم بالكفر، إنما يكون الكفر بسبب استحلال المعصية بتحليل ما حرّم الله، أو تحريم ما أحلّ الله تعالى، وهذه مسألة لا يختلف فيها اثنان من العلماء [2]، فالله تعالى يقول: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [3].
ولا أستطيع أن أكتب في هذا المبحث المحدود كل ما قال علماء أهل السنة والجماعة، وإنما ذكرت الخلاصة، ومن أراد التفصيل في حكم المرتد فعليه بالرجوع إلى كتابي ((قضية التكفير))، والله أسأل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه ودعا بدعوته إلى يوم الدين. [1] معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم أصول التوحيد، 2/ 423. [2] الحكم وقضية تكفير المسلم، ص186، وقضية التكفير للمؤلف، ص40. [3] سورة النساء، الآية: 116.