الفصل الأول أولاً: بيان المقصود بالحل في طعام أهل الكتاب:
لمّا ذكر تعالى ما حرمه على عباده المؤمنين من الخبائث، وما أحلّ لهم من الطيبات، قال بعده: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}، ثم ذكر ذبائح أهل الكتابين، من اليهود والنصارى، فقال تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ}، ((قال ابن عباس وغيره: يعني ذبائحهم, وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء أن ذبائحهم حلال للمسلمين؛ لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله، ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله، وإن اعتقدوا فيه تبارك وتعالى ما هو منزه عنه, تعالى وتقدس)) [1].
وثبت في الصحيح أن أهل خيبر أهدوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة مصلية، وقد سمّوا ذراعها، وكان يعجبه الذراع فتناوله، فنهش منه نهشة فأخبره الذراع أنه مسموم فلفظه، وأثّر ذلك في ثنايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي أبهره، وأكل معه منها بِشر بن البراء بن معرور فمات، فقتل اليهودية التي سمّتها، وكان اسمها زينب [2].
ووجه الدلالة منه أنه عزم على أكلها ومن معه، ولم يسألهم هل نزعوا [1] تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 2/ 19. [2] قصة أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشاة التي سُمّت له بخيبر انظرها في: البخاري كتاب الهبة، باب قبول الهدية من المشركين، برقم 2617، ومسلم، كتاب السلام، باب السم، برقم 2190، وأحمد في المسند، برقم 2785.