الإكراه)) [1]، وقد روى الإمام أحمد: ((أنهم قالوا: يا رسول الله، إنّا بأرضٍ تصيبنا بها المخمصة، فمتى تحلّ لنا بها الميتة؟ فقال: ((إذا لم تصطبحوا، ولم تغتبقوا، ولم تحتفئوا فشأنكم بها)) [2].
والحكمة من إباحة هذه المحرمات عند الضرورة:
أن الله تبارك وتعالى: رحيم بعباده، يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وقد أباح لهم سبحانه هذه المحرمات عند الضرورة التي قد تهلك الإنسان، فهو سبحانه رحيم بهم, فمن احتاج تناول شيءٍ من هذه المحرمات التي ذكرها الله تعالى لضرورة ألجأته إلى ذلك، فله تناوله والله غفور رحيم له؛ لأنه تعالى يعلم حاجة عبده المضطر وافتقاره إلى ذلك، فيتجاوز عنه ويغفر له.
وهو سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته [3]، والعبد الفقير إلى رحمة ربه إذا ألجأته هذه الضرورة فإنه يعمد إلى رخصة ربه، فيجتنب أكبر الضررين بارتكاب أخفّهما، فإن إثم قتل النفس أعظم من إثم أكل الميتة، بل قد أباحها الله سبحانه عند الضرورة.
قال سبحانه: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [4]. [1] أحكام القرآن لابن العربي، 1/ 55. [2] مسند أحمد، 5/ 218، برقم 22246، وقال زهير الشاويش: ((تفرد به من هذا الوجه، وهو إسناد صحيح على شرط الصحيحين)). [3] مسند أحمد، 2/ 108، وسبق تخريجه. [4] سورة النساء، الآية: 29.