الضرورة {فِي مَخْمَصَةٍ} في مجاعة، والخمص الجوع، وهذا كلام يرجع إلى المحرمات المتقدمة من: الميتة، والدم وما ذكر معها، {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} .. غير مائل إلى ذلك، والإثم: الحرام أي حال كون المضطر في المخمصة غير مائل لإثم، وهو بمعنى غير باغ ولا عاد [1]، وقال ابن كثير: ((فمن احتاج إلى تناول شيء من هذه المحرمات التي ذكرها الله تعالى لضرورة ألجأته إلى ذلك فله تناوله {فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي والله غفور رحيم له؛ لأنه تعالى يعلم حاجة عبده المضطر، وافتقاره إلى ذلك، فيتجاوز عنه ويغفر له، وفي المسند، وصحيح ابن حبان عن ابن عمر
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مرفوعاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته)) [2].
ولهذا قال الفقهاء: قد يكون تناول الميتة واجباً في بعض الأحيان، وهو ما إذا خاف على نفسه ولم يجد غيرها، وقد يكون مندوباً، وقد يكون مباحاً، بحسب الأحوال)) [3].
ولا خلاف في أكل طعام الغير إذا وجده المضطر من غير قطع أو أذى، وهناك لا يحلّ له أكل الميتة ونحوها، ولكن الخلاف هل يضمن ما [1] زاد المسير في علم التفسير، 2/ 288، وفتح القدير، 2/ 11 بتصرف. [2] مسند أحمد، 2/ 108، وهو في مجمع الزوائد، 3/ 162، ورجاله رجال الصحيح، والبزار والطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وانظر صحيح الجامع الصغير للألباني، 2/ 146، برقم 1881، و1882. [3] تفسير ابن كثير، 2/ 11.