(ت: 223) عن ابن عباس، قالوا: فإن انضم إليهما محمد بن مروان السدي (ت: 186) فهي سلسلة الكذب [1].
ثالثا- أنهم أضافوا إلى ما نقلوه عن الصحابة والتابعين زيادات واستنباطات توسعوا فيها، فمنها ما يتعلق بالعربية ومنها ما يتعلق بالقراءات، ومنها ما يتعلق بالفقه وأحكام الحلال والحرام، ملتزمين في ذلك قواعد التفسير وشروطه التي سنتحدث عنها فيما بعد إن شاء الله.
ولعلّ أهم هذه الأعمال الثلاثة، هو ضبط الأسانيد والروايات ونخلها بذاك المنخل العلمي العظيم الذي لا ولن يملك مثله لدى البحث العلمي غير المسلمين، وأنّى للآخرين أن يرتقوا فيما يزعمونه من البحث العلمي إلى هذا المستوى، وإنما بحوثهم العلمية كلها تقوم على أساس (الاستنتاج) ويا له من أساس علمي متين؛ ذاك الذي يقتنص حقائق العلم وسط دخان الأهواء وفي سبحات الخيال!! ولقد كان علم التفسير خلال هذه المراحل الثلاث يضم كل ما يتعلق بفهم القرآن وكشف أسراره وغوامضه، من قراءات وأسباب نزول، وناسخ ومنسوخ، ومتشابه، إذ كان الحديث عن ذلك كله داخلا في تفسير القرآن.
فلما توسعت الاختصاصات العلمية، وظهر العلماء الذين اختصّوا- بعد كفايتهم العلمية- بالفقه، والذين اختصّوا بعلم الكلام، والذين انصرفوا إلى علم القراءات وهلمّ جرّا- أخذ كلّ من أرباب الاختصاص يتناول من تفسير القرآن ما يتعلق باختصاصه فيفرده بالبحث والتأليف.
وهكذا انفصل بحث القراءات من علم التفسير، لمّا أفرد القراء التآليف فيه، فأصبح علما مشتقا من التفسير؛ وانفصل عنه مبحث أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، لمّا أفرد فيه علماء الفقه والأصول البحث والتأليف؛ وانفصل عنه مباحث إعراب القرآن لما عني النحاة بإفراد التصانيف في ذلك. [1] انظر الإتقان للسيوطي: 2 - 178، وكشف الظنون: 1 - 299.