أ- العقيدة: أوضح القرآن وحدانية الله جلّ جلاله ومالكيته للعالم كله، دون تمييز بين رقعة وأخرى منه، ودون أن يخصّ بخطابه في هذا البيان فئة معينة.
فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وقال: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ [1].
وأوضح بعثة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام إلى البشر كلهم، في بقاع الأرض، وفي كل الأزمنة التالية، دون أي نظرة خاصة في ذلك إلى الذين بعث من بينهم أو البيئة التي ظهر فيها فقال: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [2] وقال: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [3] وقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [4].
وقرر عبودية الإنسان لله عزّ وجلّ، لا فرق بين عرق وآخر أو بيئة وأخرى ولم يلحظ في ذلك أيّ خصوصية أو امتياز بين العرب الذين كان الرسول منهم وبين أيّ جماعة أخرى من الناس. فقال: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً، لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا [5] وقال: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [6].
ولفت أنظار الناس إلى أدلة وجود الله ووحدانيته، فلم يقدم أي دليل يخصّ بيئة معينة، أو يوجد لدى قوم بخصوصهم، أو تفهمه طبقة دون سواها.
وإنما عرض من ذلك ما يفهمه ويألفه كل إنسان وفي كل زمان ومكان. والآيات التي تتضمن الأدلة المختلفة على وجود الله ووحدانيته كثيرة ومشهورة، لا داعي إلى الإطالة بذكرها. فتأملها تجدها متجهة إلى الفكر الإنساني العام المتمثل في سائر الفئات والجماعات. [1] الجائية: 36. [2] الأعراف: 108. [3] الفرقان: 1. [4] سبأ: 88. [5] مريم: 93 و 94. [6] الأنعام: 18.