تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ، ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا، فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [1].
أما الكاتب فيقول: لا شك أن إشارات القرآن إلى هذه القصص، دليل على أنها كانت من القصص الشعبي السائر الذي يتداوله الناس في نواديهم [2].
أفكان في العرب من يسكت على قوله تعالى: ... ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ ... لو أنها كانت حقّا من القصص الشعبي الذي يتداوله العرب في أسمارهم؟
أو ما كانوا يتخذون من هذه الآية، إذا، راية يرفعونها ويتشبثون بها، ليعلنوا عن افتئات الرسول عليهم، وليشوهوا بها سمعته عند كل من يعرفه من الناس؟.
فأين هم الذين أنكروا عليه هذه الآية؟. وأين هم الذين قالوا له: بل نحن نعرف هذه القصص قبل أن تحدّثنا عنها. وإنها من الأساطير التي تفيض بها مجالسنا ونوادينا؟.
أين الذي قال هذا الكلام للرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ وليكن واحدا فقط من جميع العرب، وليكن من خصومه الألدّاء، بل وليكن، إذا شاء هذا الكاتب، كاذبا مثله.
فنحن نكتفي بأي كلمة، من أي عربي عاش في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم، تصلنا بأيّ سند صحيح أو ضعيف تكذّب النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذه الآية وتثبت عكسها من أن العرب كانوا يعلمون هذه القصص وأنها كانت من فكاهات أسمارهم ونواديهم. [1] هود: 40. [2] محل إنكارنا على هؤلاء، دعواهم أن العرب كانوا على علم بتفاصيل هذه القصص كما جاء بها القرآن. فلو قالوا: إنهم كانوا قد سمعوا من قبل بعناوينها أو بأبرز أحداثها على وجه الإجمال، كسماعهم باسم الطوفان، وعاد، وثمود، والفراعنة، لما كان في ذلك ما يستعظم ويدعونا إلى الإنكار.