ومن ذلك ما تقرأه في سورة الأعراف، من قصة عاد وثمود وأهل مدين، فهو يبدأ قصة كلّ من هذه الأمم ببيان أنه سبحانه وتعالى أرسل إليها رسولا يخبرها بوجود الله تعالى وأنه واحد لا شريك له.
فهو يقول: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ [1].
ثم يقول: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ....
وإنما ذلك، ليتبين أن بعثة هؤلاء الرسل إنما كانت لتأكيد حقيقة واحدة لا خلاف حولها؛ بل إنه لا يجوز اختلافهم حولها، ما دام جميعهم أنبياء ورسلا صادقين.
الأمر الثالث: تثبيت فؤاد الرسول صلّى الله عليه وسلّم في مجال الدعوة
، وحمله على الصبر على ما قد يراه من أذى قومه له، وبيان أن الله عزّ وجلّ ينصر رسله مهما نزل بهم من العذاب وطاف حولهم من البلاء.
ولا شك أن في ذكر أخبار الأنبياء من قبله وما كابدوه من إيذاء قومهم، ثم نصر الله عزّ وجلّ لهم، ما يدعوه إلى التحمّل والصبر ويبثّ في قلبه روحا من الطمأنينة والنشاط.
تقرأ من الأمثلة على ذلك قوله تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ... [2].
وقوله تعالى: اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ، إِنَّهُ أَوَّابٌ [3].
وليس معنى هذا الذي ذكرناه من أغراض القصة القرآنية، أن هذه [1] الأعراف: من 65 إلى 93. [2] الأحقاف: 35. [3] ص: 17.