responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منهج الإمام الطاهر بن عاشور في التفسير نویسنده : نبيل أحمد صقر    جلد : 1  صفحه : 195
إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً* لِلطَّاغِينَ مَآباً إلى قوله: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً* حَدائِقَ وَأَعْناباً إلى قوله: وَكَأْساً دِهاقاً* لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً [1]، فكان للابتداء بذكر جهنم ما يفسر المفاز فى قوله: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً أنه الجنة لأن الجنة مكان فوز. ثم كان قوله: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً ما يحتمل لضمير (فيها) من قوله لا يَسْمَعُونَ فِيها أن يعود إلى وَكَأْساً دِهاقاً وتكون (فى) للظرفية المجازية أى الملابسة أو السببية أى لا يسمعون فى ملابسة شرب الكأس ما يعترى شاربيها فى الدنيا من اللغو واللجاج، وأن يعود إلى (مفازا) بتأويله باسم مؤنث وهو الجنة وتكون (فى) للظرفية الحقيقية أى لا يسمعون فى الجنة كلاما لا فائدة فيه ولا كلاما مؤذيا.
وهذه المعانى لا يتأتى جميعها إلا بجمل كثيرة لو لم يقدم ذكر جهنم ولم يعقب بكلمة (مفازا).
ولم يؤخر (وكأسا دهاقا) ولم يعقب بجملة لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً ... إلخ [2].
فالتقديم والتأخير فى هذه الآية قد أغنى عن كثير من الكلام اللذان لولاهما لطال، واحتاج الأمر إلى كثير من التفاصيل لبلوغ المعنى المقصود، وقد كان الإيجاز فن العرب الأول، والتمكن منه والقدرة عليه معيار أساسى من معايير التصرف فى الكلام على وجه بليغ [3].

[1] سورة النبأ: الآيات من 21 إلى 35.
[2] التحرير والتنوير، ج 1، ص 111.
[3] «سأل معاوية بن أبى سفيان صحار بن عياش العبدى عن البلاغة، فأجاب صحّار: الإيجاز، فاستفسر عنه، فقال صحار: لا تبطئ ولا تخطئ». الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب" ت 155 هـ"، البيان والتبيين، ج 1، ص 54، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان.
نام کتاب : منهج الإمام الطاهر بن عاشور في التفسير نویسنده : نبيل أحمد صقر    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست