نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 75
يستحق لقب الأستاذية إلا إذا حفظ كلام الله، وفهم معانيه، وأدرك مراميه.
وإن الذى يدرس تاريخ التربية الإسلامية فى كل أعصارها من (مدرسة أبى الدرداء) بمسجد الشام التى كانت تضمّ ستة آلاف طالب يتعلمون القرآن، إلى عصرنا هذا فى كل قطر من أقطار الإسلام شرقا وغربا، يعلم صدق ما نقول، ويرى كيف كان للقرآن المكان الأول فى كل قلب، والمحل الأسمى عند كل نفس، والعناية الكبرى فى دور العلم وفى الجوّ العلمى مطلقا.
ضعف العناية بالقرآن ومظاهره:
ظلّت لكتاب الله مكانته فى مناهج التعليم فى مصر وغيرها إلى عهد المغفور له محمد على باشا وبعده بقليل. ومنذ أن امتدت اليد الأجنبية إلى مناهج التعليم أخذت العناية بالقرآن تضعف وتتضاءل، وأخذ رجال التربية والتعليم- وجلهم من الأوروبيين أعداء الإسلام وكتاب الإسلام الذى يرونه شبحا مخيفا يناوئ مطامعهم وآمالهم- يعملون على إقصائه تدريجيّا من المناهج بحجة أن المدارس علمانية، وساعدهم على ذلك روح التقليد الأوروبى التى عمّت وطمّت، فاستطاعوا أن يحذفوه رأسا من التعليم العالى الثانوى، ثم الابتدائى تقريبا بعد ذلك، وحصروه فى دائرة ضيقة هى مكاتب الإعانة والمكاتب الأولية فى برنامجها القديم.
ولم يقف هذا التيار ضد القرآن عند هذا الحد؛ بل أخذ يقوى ويشتد فإذا بمكاتب الإعانة تطاردها المدارس الإلزامية وليس من منهاجها حفظ القرآن، ولئن كان هناك قسم للحافظ كما يقال، فإن طبيعة نظامها تجعل الوصول إلى هذه الغاية مستحيلا، وصارت البقية الباقية من هذه المكاتب تغلق تباعا أمام عدم الإقبال وتضييق الوزارة وحظرها فتح مكاتب جديدة رغبة فى تعميم التعليم الإلزامى، وكثرة الشروط الصحية، وعدم استطاعة الفقهاء القيام بها حتى صرنا نعتقد أنه لن تمضى سنوات قلائل حتى تصبح هذه المكاتب لا عين [لها] ولا أثر.
وأما المدارس الأولية، فبعد أن كان منهاجها القديم يحتم عليها تحفيظ القرآن فى أربع سنوات طبق تقسيم مناسب حدّدته الوزارة، نصّ المنهج الجديد على إبطال هذا التحتيم وتحفيظ" ما يمكن أن يحفظ" ومعناه أنه إذا لم يمكن تحفيظ شىء لكثرة المواد وتزاحمها
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 75