نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 71
رابعا: التصوف:
أما التصوف؛ فهو وإن لم يكن من العلوم الإسلامية الرسمية، إلا أنه استفاض فى الأمة أكثر من أىّ علم آخر، وتخلّلت أحكامه وقواعده قلوبها ونفوسها، وانتشرت كتبه بين طبقاتها، فكان من الواجب على من يكتب فى العلوم الدينية أن يعنى بشأنه ويهتم ببحوثه.
وفى الحق أنّ التصوف الصحيح هو لباب الإسلام، وأن الصوفية الصادقين من خيار رجاله الذين عملوا على نشره وإعزازه، وتربية النفوس على مبادئه بطرق لم يسبقهم إليها غيرهم من الفلاسفة والمربين.
وفى رأيى أن التصوف قسمان: تصوّف دينى إسلامى، يستمدّ أصوله وأحكامه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وتصوف فلسفى عقلى، يستمد أصوله وقواعده من نظريات الفلاسفة وأحكامهم على العوالم والنفوس.
وقد اختلط القسمان اختلاطا كبيرا عزّ معه إدراك الحق من الباطل، واستخدمت فيه آراء الفلاسفة لتفسير كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بقدر ما تأوّل به
المتأوّلون الآيات والأحاديث بما يتفق وآراء الفلاسفة حتى صار للصوفية لسان خاص بهم، واصطلاحات مقصورة عليهم.
ونلاحظ كذلك أن التصوف الإسلامى نفسه قسمان: قسم يتعلق بالتربية والتهذيب وتطهير النفوس، وحملها على محاسن الأخلاق، واستكمال الفضائل وهو المعروف بعلم المعاملة.
وقسم يتعلق بنتائج الرياضة، وثمرات العبادة من الأذواق والمواجد والكشف والفيض إلى غير ذلك.
وقد اختلط القسمان كذلك اختلاطا يصعب معه تمييز أحدهما من الآخر، ولهذا يتعلق بعض المريدين بالثمرة، ويتشوّقون إليها قبل أن يسلكوا سبيل الوصول، بل ربما غفلوا عنه واستهتروا به.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 71