نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 507
وبيّن الحقّ بعد ذلك جزاء هؤلاء القوم بعد أن وصف أعمالهم وخصالهم بالسوء والقبح والانحراف عن جادة الصواب، فبين أن لهم عذابا مهينا تضيع معه كراماتهم وتنحط أقدارهم ولن يخلصهم من هذا العذاب مال ولا ولد، وإنما هم فى النار خالدون.
ولما كان بعض مزاعم هؤلاء القوم ومن لفّ لفهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سوف ينهزمون أمام جبابرة الأرض من روم وفرس وغيرهم يهولون ويحاولون به أن ينالوا من عزائم المؤمنين. بيّن الحق تبارك وتعالى سنته فى ذلك وقانونه الذى لا يتخلف. فذكر أن كل من حادّ الله ورسوله وخالف عن أمره وحارب أولياءه: حقّت عليه كلمة العذاب.
وحلّ به الذل المقيم فى الدنيا بالأسر والهزيمة، وفى الآخرة بالنار التى وقودها الناس والحجارة، كتب الله ذلك يوم خلق السماوات والأرض أن تكون الغلبة لله على أعدائه، ولرسله بنصره إياهم، فمن كان من رسل الحرب فنصره فى ميادين القتال، ومن كان من رسل القول فنصره فى حلبة البيان ونصاعة الحجة ووضوح البرهان، ومن جمعهما الله له أيده بها جميعا، تلك سنة الله التى قررتها الأديان، وجرت عليها الأزمان، وأثبتها التاريخ، وعرفها الناس علما وعملا.
[ارتباط الآية بما قبلها]
ونقول فى ارتباط الآية الكريمة بما قبلها: أنه لما كان هؤلاء القوم قد حادّوا الله ورسوله، بيّن الله لهم مصايرهم [1] وأنهم سيذلون فى الدنيا والآخرة، ولن ينالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه نيلا، والله غالب على أمره؛ وهو سبحانه وتعالى القوى العزيز، وناسب ذلك طبعا أن يتكلم لك القرآن الكريم عن موقف المؤمنين من هؤلاء المحادّين، وأن يبين لك بعض أوصافهم كما بين لك أوصاف السابقين.
فها أنت تراه قد وصفهم بوصفين اثنين كل منهما يقتضى الآخر ويستتبعه. وصفهم بأنهم آمنوا بالله واليوم الآخر إيمانا قويا متينا كتبه الله فى قلوبهم، وثبّته فى أرواحهم، وتغلغل فى أفئدتهم، فأنت الفناء فيه والفداء والتضحية بكل شىء فى سبيله، فالإيمان والتضحية وصفا هؤلاء القوم وهما متلازمان كما ترى، فمتى صح الإيمان وصدق: [1] كتبها الإمام البنا: (مصائرهم) والصواب كما أثبته.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 507