نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 498
تنظّم على حسب أقدار من سيجلسون، ويوضع كل منهم فى المرتبة اللائقة به، فإذا خولف هذا النظام: فلا بأس بأن يطلب الإنسان الفسحة من إخوانه ليصل إلى مرتبته، وعليهم أن يفسحوا له، فإذا جلس حيث انتهى به المجلس كان ذلك أجدر بالنسبة له.
وإذا أمر الرئيس أو نحوه أحدا بإخلاء مكانه لسواه: فعليه الطاعة لقوله تعالى: (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا).
وقوله تبارك وتعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [المجادلة: 11] إما أن يكون المقصود هؤلاء القادمين، ويكون المراد برفعتهم: إنزالهم منزلتهم فى المجلس، وإما أن يكون المراد: الجالسين الذين يمتثلون فيؤمنون بحكمة هذا التشريع ويعلمون أسراره ويطيبون نفسا به، فيرفعهم الله بحسن الثواب فى الآخرة، أو يكون المراد هما معا، والله أعلم بمراده.
هذا فى المجالس، وهل يكون الأمر على ذلك فى صفوف الصلاة؟
فأمّا أبىّ بن كعب رضي الله عنه: فقد تمسّك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليلنى منكم أولو الأحلام والنّهى" [1] فكان إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا من أفناء [2] الناس، ويدخل فى الصف المقدم إذ كان سيد القراء بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم [3].
وأمّا عبد الله بن عمر: فكان لا يجلس فى المكان الذى يقوم عنه صاحبه، محتجّا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يقم الرّجل الرّجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا" [4] ولكل وجهة، فليتصرف المؤمن بحسب ظرفه، وهو فى كلتا الحالتين موافق لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. [1] تقدم تخريجه. [2] أفناء: أى أخلاط. [3] شهادة النبى صلى الله عليه وسلم لأبى رضي الله عنه بأنه سيد القراء، وردت فى قوله صلى الله عليه وسلم:" أقرأ أمتى أبى بن كعب" رواه الطبرانى فى" الأوسط" (557) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. ورواها ابن سعد فى" الطبقات" (2/ 341) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. [4] تقدم تخريجه.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 498