responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 451
وهناك معنى آخر من معانى توحيد العقيدة بين قلوب أبنائها الذين أخلصوا لها، ذلك أن كلا منهم قد فنى فيها وامتزج بها، فصار جزءا منها، وصارت جزءا منه، فهم جميعا يفتدونها، وهم جميعا يفتدى كل منهم الآخر، لأن افتداءه إياه افتداء للعقيدة نفسها، وذلك تعبير قد لا يراه واضحا إلا مؤمن غرّبته عقيدته بين الناس فرأى كيف يسعد بمن يجد ممن على شاكلته، وكيف يلذ له أن يفتديهم بنفسه معتقدا أن فى ذلك خدمة جلى لعقيدته.
هذا الارتباط بين أبناء العقيدة الواحدة هو الذى جعل من الصفوف الإسلامية الأولى كتلة متراصّة، يتجلى عليها الحق تبارك وتعالى بمحبته ويصفها بقوله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ [الصف: 4]، وهذا الارتباط هو الذى جعل كلّ أنصارىّ يحرص على أخ مهاجر لم يتّصل به من قبل ولم يعرف عنه شيئا إلا أنه أخوه فى العقيدة، حتى روى البخارى:" ما نزل مهاجر على أنصارى إلا بقرعة" [1] وحتى خلّد الله هذه المنقبة للأنصار بالآية الكريمة: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9]، وبإزاء هذا الارتباط ترى التنابز والخلاف بين أبناء العقائد المتباعدة، حتى إن كثيرا من الناس من ضحّى بأهله، ونازلهم وجالدهم، ونال منهم فى سبيل عقيدته، وهل الإيمان إلا الحب والبغض؟! هذا أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين هذه الأمة رضي الله عنه يقتل أباه فى سبيل الله، والله تبارك وتعالى يقول: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: 4] ثم حكى الحق تبارك وتعالى عن إبراهيم أنه

[1] ذكر الإمام البنا الحديث بمعناه، ولفظه:" أن أم العلاء قالت:" أن عثمان بن مظعون طار لهم فى السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين" رواه أحمد (7/ 588) والبخارى (3929) و (7018) عن أم العلاء الأنصارية، واسمها أم العلاء بنت الحارث بن خارجة الأنصارية رضي الله عنها.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست