نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 440
[ترجيح بين الروايات]
وعندى: أنه ليس ما يمنع من أن تكون الثانية متممة للأولى، بأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد أرسل الوليد بن عقبة وفقا للرواية الأولى، فلما خاف وعاد وكان منه ومن القوم ما كان، ووشى بهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم خالدا وأوصاه بالتبين وفقا للرواية الثانية، وبذلك يجمع بين الروايتين، ولا سيما ورئيس البعث فى كليهما خالد، والسبب فيهما واحد، والواشى مجهول فى الثانية مذكور فى الأولى، ومهما يكن فقد عرفت أن السبب: أن واشيا وشى بقوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرشد الله عباده إلى ما يجب أن يكون فى مثل هذه القضية.
[شرح الآية]
ومعنى الآية الكريمة على هذا: يا أيها الذين آمنتم وصدقتم بكتاب الإسلام ورسول الإسلام: ليكن شأنكم إذا نقلت إليكم الأخبار والأنباء: أن تتأكدوا من صحتها، وتتبينوا حقيقة شأنها، ولا تأخذوها على علّاتها، فقد يؤدى ذلك إلى عمل غير محكم يؤدى إلى الندم.
فعليهم أن يقلّبوا الأمور على وجهها، ويزنوها بميزان العقل والحكمة والتبصر، ثم بين لهم تبارك وتعالى- بعد ذلك- أن بين ظهرانيهم ميزانا آخر عليهم أن يزنوا به هذه الأمور فيرجعوا إلى أمره وينزلوا عند حكمه، ذلكم هو: الوحى، والرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت القاعدة العامة فى إدراك حقائق الأشياء نلمسها بنور العقل، فليعلم المؤمنون أن بين ظهرانيهم طريقا آخر لإدراك هذه الحقائق هو الرسول صلى الله عليه وسلم، الذى ينزل عليه أمر الله ووحيه، فعليهم أن يطيعوه، وأن يرجعوا إلى رأيه فى مثل هذه الشئون، ولو أنه صلى الله عليه وسلم أطاعهم، ونزل على رأيهم، وهم لم يتبيّنوا فى كثير من الشئون حقيقتها لأصابهم من ذلك جهد ومشقة، ولكن الله تبارك وتعالى حبّب الإيمان والتصديق والتفويض والتسليم لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفوس المؤمنين، وزيّنه فى قلوبهم، وبغّض إليهم الخروج على رسوله صلى الله عليه وسلم ودينه القويم، سواء كان ذلك الخروج كفرا وهو أشد المعاداة، أو فسقا وهو المخالفة فى الكبائر، أو عصيانا وهو مطلق المخالفة، فقد تدرّج من الكبير إلى الصغير،
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 440