responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 395
«اتفقت كلمة البشر موحدين ووثنيين، مليين وفلاسفة- إلا قليلا لا يقام لهم وزن- على أن لنفس الإنسان بقاء تحيا به بعد مفارقة البدن، وأنها لا تموت موت فناء، وإنما الموت المحتوم هو ضرب من البطون والخفاء، وإن اختلفت منازعهم فى تصوير ذلك البقاء وفيما تكون عليه النفس فيه، وتباينت مشاربهم فى طرق الاستدلال عليه ... هذا الشعور العام بحياة بعد هذه الحياة المنبث فى جميع الأنفس عالمها وجاهلها؛ وحشيها وإنسيها؛ باديها وحاضرها؛ قديمها وحديثها، لا يمكن أن يعد ضلة عقلية، أو نزعة وهمية، وإنما هو إلهام من الإلهامات التى اختص بها هذا النوع.
قد ألهمت العقول، وأشعرت النفوس: أن هذا العمر القصير ليس هو منتهى ما للإنسان فى الوجود، بل الإنسان ينزع هذا الجسد كما ينزع الثوب عن البدن، ثم يكون حيا باقيا فى طور آخر وإن لم يدرك كنهه، ذلك إلهام يكاد يزاحم البديهة فى الجلاء» اه.
وثم برهان آخر غير هذا البرهان الفطرى ألفتك إليه وأوجه نظرك نحوه، ذلك أن نظام هذا الكون وما فيه، ومنزلة الإنسان منه، يدلك أوضح الدلالة على أن هذه الحياة القصيرة الأمد التى تحسب بأعوام قلائل، مهما طالت فهى مدة محددة وفترة معدودة لا تتناسب أبدا مع الحكمة فى تكوين هذا الإنسان وإبداعه هذا الإبداع؛ وتمييزه بهذا العقل المفكر والفكر المدبر؛ الذى سخر الله له ما فى السماوات وما فى الأرض جميعا، فإذا انتهت سعادة الحيوان بحصوله على مطالب جسمه، وانتهت سعادة النبات ببلوغه حد نموه، فإن نفس الإنسان قد خلقت مستعدة لقبول معلومات غير متناهية؛ من طرق غير محصورة شيقة إلى لذائذ غير محدودة؛ ولا واقفة عند غاية، مهيأة لدرجات من الكمال لا تحددها أطراف المراتب والغايات، ومن كان كذلك لا يصح أن يكون بقاؤه قاصرا على أيام أو سنين معدودات، وتأمل سر ذلك الخلق فى قول الله تبارك وتعالى:
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون: 115، 116].
والقول بأن بعث الأجساد بعد فنائها أمر يصطدم بنواميس الكون المقررة ولا يتفق مع المشاهدة: كلام سقيم لا حجة عليه ولا برهان معه.

نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست