نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 376
وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وقد يكون المراد جريانهما الحقيقى. وقد ثبت أن لكل الأجرام حركات حول نفسها، ولكثير منها حركات حول غيرها، وللشمس حركة حول نفسها، ولها هى ومجموعتها الكوكبية حركة انتقالية فى السماء، بحيث إن دوران الأرض حول الشمس ليس فى خط منحن مقفل، بل فى خط حلزونى مفتوح دائما لا تمر من نقطة واحدة دفعتين منذ دارت إلى الآن وهذا عجيب حقا.
وإلى أين تسير الشمس فى السماء؟ لا يجيبك أحد من الفلكيين، ولكن القرآن الكريم يقول: لِمُسْتَقَرٍّ لَها [يس: 38]، وأين هذا المستقر؟ ذلك ما يعلمه الله ولم يصل إليه العلم التجريبى بعد، كلا المعنيين صحيح، الأول: معنى نظرى، والثانى: معنى علمى، وهو أسلوب القرآن المعجز الذى ذكرت لك آنفا.
وإنما خصت الشمس والقمر بالذكر: لصلتهما الواضحة بالأرض وما عليها، وإلا؛ فالتسخير والتصريف والقهر يتناول كل الأجرام السماوية بل كل العوالم، وقد صرح القرآن بذلك فى كثير من الآيات كقوله تعالى: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [الأعراف: 54].
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)
هذا النظام المعجز، والخلق البديع والتكوين الكامل، والتصريف العجيب: هو تدبير الله وصنعه، وكذلك يدبر الله أمر الخلق، ويفصل لهم الآيات الكونية والقولية لعل ذلك يكشف عن قلوبهم حجب الغفلة، ويزيل غشاوة الشك والريب، فإذا أدركوا بعض مظاهر هذه العظمة الربانية اعتقدوا وأيقنوا: أن هذا الخالق قادر على إعادتهم، وأنهم سيلقونه فيحاسبهم على ما قدموا من الأعمال فى حياتهم الدنيا.
واليقين صفة من صفات العلم، ومرتبة من أعلى مراتب الإيمان، وهو فوق المعرفة والدراية، وهو سكون القلب واطمئنانه مع ثبوت الحكم فى النفس، واستقراره وزوال كل عوارض الشك والريب، والله أعلم.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 376