نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 35
أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [المائدة: 47]، بل جعل الفسق هينا فوصمها بالظلم وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة: 45].
إن مثلكم أيها المسلمون عند ما تركتم كتاب الله وراءكم، كمثل الرجل الذى بيده المصباح، فيأبى إلا أن يطفئه، ويلتمس غيره عند العميان ..
وإن مثل موقف المسلمين اليوم من كتاب الله، كمثل جماعة أحاط بهم ظلام من كلّ جانب، فساروا على غير هدى يخبطون خبط عشواء مع أن فى أيديهم مفتاح كهرباء لو وصلت إليه أصابعهم، يستطيعون بحركة بسيطة أن يضيئوا مصباحا قويا زاهرا .. هذا مثل المسلمين اليوم من كتاب الله.
وإن العالم الآن، قد غشيه موجة مادية، فجعلته كسفينة حار ربانها، وأتت عليها العواصف من كل جانب، فالإنسانية قلقة معذبة، قد اكتوت بنيران المطامع والأغراض، فهى
فى حاجة إلى عذب من هدى القرآن يغسل عنها أوضار [1] الشقاء، ويأخذ بها إلى السعادة.
وإن علماء القانون عند ما تركوا القرآن، واتّجهوا إلى غيره، مثلهم كمثل الرجل الذى تكدست خزائنه بالأموال، ثم يتّجه إلى المرابين يقترض منهم بأفحش الفوائد الربوية، ولا يفعل ذلك عاقل أبدا.
ويحي على ساسة القانون ويحهم ... على جهود أضاعوها وما وجدوا
وبين أيديهم القرآن يوردهم ... أسمى المناهج والأحكام لو وردوا
أيها المسلمون:
ليس من العجب أن هؤلاء الغربيين، الذين لم يفتح الله بصائرهم على نور القرآن الكريم يسيرون على غير هدى، لأن الله يقول: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: 40]، ولكن العجب فى هؤلاء المسلمين، الذين لا يخلوا جيب من جيوبهم، ولا بيت من بيوتهم من نسخة من كتاب الله تعالى .. هؤلاء المسلمون، استطاع الغربيون أن يبعدوهم عن نور قرآنهم وهدى نبيهم تارة بالشهوات وطورا بالقوة [1] الأوضار جمع الوضر وهو: الدرن أو الوسخ. انظر: لسان العرب.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 35