نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 335
واتّصلت به فأكثرت من خشيته، واتّصفت بالعبودية الصحيحة له، والعبودية يا فتى أرقى منازل الوصول إلى الله، وأقدس مراتب القرب:
لا تدعنى إلا بيا عبدها ... فإنه أشرف أسمائى
وبقدر اتصافك بأوصاف عبوديتك يتفضّل عليك ربّك بفيض من كرم ربوبيته:
وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ [البقرة: 186].
أولست ترى أيها العاقل أن التوبة وهى مظهر الإنصاف أنجبت حكما عادلا هو تحقق العبد بعبوديته.
(الْحامِدُونَ) ووصول العبد إلى هذه المنزلة يشعره بعظيم فضل الله عليه وكبير نعمائه لديه، فيلهج بالحمد، ويكثر من الثناء، ومن أولى بهذين الأمرين من ولى النعمة.
(السَّائِحُونَ) فإذا حملت هذا الوصف على الصيام فهو تجرّد عن المادة لعذوبة متعة الروح، وإذا حملت على السياحة فهو تفكر فى مظاهر الكون أنتجه الشعور بجمال المكوّن وعظيم نعمته، وكلاهما- كما ترى- حمد عميق وشكر فائق، ونعمة الله بعد ذلك أجزل، وهل هذان إلا من نعمه؟
(الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) والركوع مظهر التعظيم، والسجود أقرب القرب، فإذا رقت الروح بالصوم، أو رقّت بالفكر فقد أعظمت ما وصلت إليه، فعبرت عن علمها هذا الجديد وشعورها الفائض بالصلاة، ولأمر ما كانت الصلاة قرة عين سيد الشاكرين صلى الله عليه وسلم.
(الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) وإذا وصلت النفس إلى هذا الشعور الجميل، وأنست بذلك المقام السامى أرادت أن تشرك غيرها فى هذا الخير، وأن تفيض على سواها من مظاهر الإمداد الروحى، فأمرت بالمعروف وقادت الناس: أن هلموا إلى ذلك الجناب.
(وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وهى ترى أنه لا يمنع الناس أن يتوبوا ويستغفروا إلا شهوات زائفة ومعاص حقيرة فهى تنهاهم أبدا عن المنكر، وتبيّن لهم ضرر الخطيئة لو كانوا يعقلون.
(وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ) وهى فى ذلك كله فى توبتها وعبادتها وحمدها وسياحتها
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 335