نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 314
ويدّعى أن نساء بنى الأصفر يفتنه ويشغلن لبّه عن القتال، وما درى هذا المسكين المغالط أنه بهذا التخلّف قد ترك القتال جملة فسقط فى الفتنة إلى الحضيض، ولهذا كان الرد عليه: ألا فى الفتنة سقطوا، وإن جزاء من سقط فى الفتنة جهنم، (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ).
ومن أخلاقهم: أنهم يحزنون للخير يصيب المؤمنين، ويفرحون للمصائب تنزل بهم، ويسرّون هذا الشعور فى أنفسهم فلا يظهرونه إلا بعد ظهور النتائج، ويظلون قبل ذلك يرجفون بالقول الكاذب، ويختلقون المفتريات والأباطيل، فإذا انكشف الأمر عن حسنة تصيب المؤمنين تمعّرت لذلك وجوههم، وظهرت آثار الحزن على أساريرهم، وإذا واجهت المؤمنين الصادقين إحدى المصائب فرحوا واستبشروا وصرّحوا بمكنون النفاق، وفخروا بأنهم قد أعدوا للأمر عدته من قبل، ولم يتورطوا فيما تورّط فيه هؤلاء المؤمنون المصابون، وقالوا: قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ [التوبة: 50].
وظهر مصداق هذا الخلق من هؤلاء المنافقين فى غزوة تبوك أيضا، فقد قعدوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلقون الأباطيل، ويشيعون قالة السوء.
روى ابن أبى حاتم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جعل المنافقون الذين تخلّفوا فى المدينة يخبرون عن النبى صلى الله عليه وسلم أخبار السوء، ويقولون: إنّ محمدا وأصحابه قد جهدوا فى سفرهم وهلكوا، وبلغهم تكذيب خبرهم وعاقبة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فساءهم ذلك، فأنزل الله فيهم: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) الآية، وهؤلاء هم دعاة الهزيمة والتردّد، والطابور الخامس، وهم أخطر وأنكى أثرا من الأعداء السافرين.
ولكنّ المؤمنين الحقيقيين لا يهمهم ذلك فى شىء، وأمرهم كله لهم خير، فإن أصابتهم النعماء شكروا وكان خيرا لهم، وإن أصابتهم الضراء صبروا ورضوا واحتسبوا فكان خيرا لهم وعليهم [1]، فالأسباب والنتائج بيد الله قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التوبة: 51]. [1] اقتبس الإمام الشهيد هذا المعنى من قوله صلى الله عليه وسلم:" عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له".
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 314