نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 297
روى الشيخان وغيرهما من حديث أبى بكرة رضى الله عنه عن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال فى حجة الوداع:" إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، فيها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان" [1].
ومعنى استدارة الزمان الواردة فى الحديث- والله أعلم-: أنّ الشهور قد عادت إلى حسابها المعتدل بعد أن غيّرها العرب بالنسىء كما سيأتى، ووقع حج النبى صلى الله عليه وسلم فى ذى الحجة على وضعه الأول منذ قسمت الشهور.
وروى الطبرانى عن بعض السلف: أنه اتفق فى حجة الوداع حج المسلمين واليهود والنصارى فى يوم واحد هو يوم النحر من هذا العام [2]. فإذا صحّ كان بشارة وإشارة إلى ما جاء له الإسلام من جمع كلمة الناس جميعا على شرع واحد هو هذا الدين القيم [3].
(فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ):
[أى] فى الأربعة الحرم، باستحلال القتال فيها بعد أن أكّد الإسلام حرمتها وحرم فيها القتال، أو فى الشهور كلها بأن يستخدم الوقت فى العبث أو العصيان، فيظلم الإنسان نفسه بصرف وقته فى غير ما خلق له من طاعة الله وأداء حقوقه، وقد خلق الله الموت والحياة، وجعل العمر بينهما ابتلاء وامتحانا للناس: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك: [2]] قولان، ولعل الثانى أشمل وأفضل والله أعلم.
من أحكام القتال:
وهل يجب على المسلمين جميعا قتال المشركين جميعا كما هو ظاهر الآية الكريمة:
وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [التوبة: 36]؟ نعم، وذلك هو الشأن [1] رواه أحمد (6/ 15) والبخارى (4662) و (5550) ومسلم (1679) وأبو داود (1947) وابن حبان (5975) و (5974) والبيهقى فى" السنن" (7/ 363) عن أبى بكرة رضى الله عنه. [2] ذكره ابن أبى شيبة فى" المصنف" (4/ 470) والطبرانى فى" الكبير" (7/ 256) عن سمرة بن جندب رضى الله عنه، وقال الهيثمى: فيه من لم أعرفهم. انظر: مجمع الزوائد (8/ 102). [3] أخذ الإمام البنا هذه الفقرة من تفسير المنار لكنه صاغها بأسلوبه، فلزم الإشارة من باب رد الأمر لنصابه.
يراجع فى ذلك: تفسير المنار (10/ 240).
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 297