نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 266
مكة عنوة، قلت: أسير مع قريش إلى هوازن بحنين فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرّة، فأثأر منه فأكون أنا الذى قمت بثأر قريش كلها، وكنت أظن أنه لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا ما اتبعته أبدا، وكنت مرصدا لما خرجت له لا يزداد الأمر فى نفسى إلا قوة، فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته، فأصليت بالسيف ودنوت أريد ما أريد منه، فرفع لى شواظ من نار كالبرق يكاد يمحشنى [1]، فوضعت يدى على بصرى خوفا علىّ، فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنادانى:" يا شيب ادن منّى"، فدنوت منه فمسح صدرى، ثم قال:" اللهم أعذه من الشيطان" قال: فو الله لهو كان ساعتئذ أحب إلى سمعى وبصرى ونفسى، وأذهب الله ما كان فى نفسى، ثم قال:" ادن فقاتل"، فتقدمت أمامه أضرب بسيفى- الله أعلم أنى أحب أن أقيه بنفسى كل شىء- ولو لقيت تلك الساعة أبى- لو كان حيا- لأوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون، فكرّوا كرّة رجل واحد، وقربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها، وخرج فى أثرهم حتى تفرّقوا فى كل وجه، ورجع إلى معسكره، فدخل خباءه فدخلت عليه ما دخل عليه أحد غيرى حبّا لرؤية وجهه، وسرورا به، فقال:" يا شيب، الذى أراد الله بك خيرا مما أردت لنفسك"، ثم حدّثنى بكل ما أضمرت فى نفسى مما لم أكن أذكره لأحد قط، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ثم قلت: استغفر لى، فقال:" غفر الله لك" [2].
3 - وفد هوازن:
وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى الجعرّانة وبها السّبى والغنيمة، وقدم عليه بها وفد هوازن مسلمين، وفيهم تسعة نفر من أشرافهم، فقالوا: يا رسول الله إنا أهل وعشيرة قد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا منّ الله عليك. وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إن اللواتى فى الحظائر من السبايا خالاتك [1] أى يحرقنى. [2] انظر: زاد المعاد لابن القيم (3/ 470، 471) والإصابة لابن حجر ترجمة رقم (3940) وذكره ابن هشام فى سيرته مختصرا (4/ 73) والواقدى فى" المغازى" (3/ 909، 910).
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 266